للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

* الثاني: أن الرياءَ لا يكون إلا مقارنًا للعمل؛ لأنه «فعال» من الرؤية. أي: صاحبها يعمل ليرى الناس عمله فلا يكون متراخيًا. وهذا بخلاف المن والأذى فإنه يكون مقارنًا ومتراخيًا، وتراخيه أكثر من مقارنته.

وقوله: ﴿كَالَّذِي يُنْفِقُ﴾ إما أن يكون المعنى كإبطال الذي ينفق، فيكون شبه الإبطال بالإبطال، أو المعنى: لا تكونوا كالذي ينفق ماله رئاءَ الناس، فيكون تشبيها للمنفق بالمنفق.

وقوله: ﴿فَمَثَلُهُ﴾ أي: مثل هذا المنفق الذي قد بطل ثواب نفقته: ﴿كَمَثَلِ صَفْوَانٍ﴾ وهو الحجر الأملس.

* وفيه قولان:

* أحدهما: أنه واحد.

* والثاني: جمع صفوانة.

﴿عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ﴾ وهو المطر الشديد، ﴿فَتَرَكَهُ صَلْدًا﴾ وهو الأملس الذي لا شيء عليه من نبات ولا غيره.

وهذا من أبلغ الأمثال وأحسنها، فإنه تضمن تشبيه قلب هذا المنفق المرائي- الذي لم يصدر إنفاقه عن إيمانٍ بالله واليوم الآخر- بالحجر لشدته وصلابته وعدم الانتفاع به.

وتضمن تشبيه ما علِق به من أثر الصدقة بالغبار الذي علق بذلك الحجر. والوابل الذي أزال ذلك التراب عن الحجر فأذهبه بالمانع الذي أبطل صدقته وأزالها، كما يذهب الوابل التراب الذي على الحجر فيتركه صلدًا، فلا يقدر المنفق على شيء من ثوابه لبطلانه وزواله.

<<  <   >  >>