فتضمنت هذه الآية الإخبار بأن المن والأذى يحبط الصدقة، وهذا دليل على أن الحسنة قد تحبط بالسيئة، مع قوله ﷾: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)﴾ [الحجرات: ٢].
وقد تقدم الكلام على هذه المسألة في أول هذه الرسالة (١) فلا حاجة إلى إعادته.
وقد يقال: إن المنَّ والأذى المقارن للصدقة هو الذي يبطلها دون ما يلحقها بعدها، إلا أنه ليس في اللفظ ما يدل على هذا التقييد، والسياق يدل على إبطالها به مطلقًا.
وقد يقال: تمثيله بالمرائي الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر يدل على أن المن والأذى المبطل هو المقارن كالرياءِ وعدم الإيمان، فإن الرياءَ لو تأخر عن العمل لم يبطله.
* ويجاب عن هذا بجوابين:
* أحدهما: أن التشبيه وقع في الحال التي يحبط بها العمل، وهي حال المرائي والمانّ المؤذي في أن كل واحد منهما يحبط العمل.