للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

* وَمِنْهَا: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ أَيْ: لَحِقَهُ وَأَدْرَكَهُ، كَمَا قَالَ فِي قَوْمِ فِرْعَوْنَ: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ [الشعراء: ٦٠] وَكَانَ مَحْفُوظًا مَحْرُوسًا بِآيَاتِ الله، مَحْمِيَّ الْجَانِبِ بِهَا مِنْ الشَّيْطَانِ، لَا يَنَالُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا عَلَى غِرَّةٍ وَخَطْفَةٍ، فَلَمَّا انْسَلخ مِنْ آيَاتِ الله ظَفِرَ بِهِ الشَّيْطَانُ ظَفْرَ الْأَسَدِ بِفَرِيسَتِهِ، فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ الْعَامِلِينَ بِخِلَافِ علمهِم، الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَيَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ، كَعُلَمَاءِ السُّوءِ.

* وَمِنْهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾ فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الرِّفْعَةَ عِنْدَهُ لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا هِيَ بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَإِيثَارِهِ وَقَصْدِ مَرْضَاةِ اللهِ، فَإِنَّ هَذَا كان مِنْ أَعْلَمْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ اللهُ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُ بِهِ فَنَعُوذُ بِاَللهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ عَبْدَهُ إذَا شَاءَ بِمَا آتَاهُ مِنْ الْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ اللهُ فَهُوَ مَوْضُوعٌ لَا يَرْفَعُ أَحَدًا بِهِ رَأْسًا، فَإِنَّ الْخَافِضَ الرَّافِعَ الله سُبْحَانَهُ خَفَضَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَالمَعْنَى: لَوْ شِئْنَا فَضَّلْنَاهُ وَشَرَّفْنَاهُ وَرَفَعْنَا قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ بِالْآيَاتِ الَّتِي آتَيْنَاهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ﴾ بعلمه ﴿بِهَا﴾ (١).

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَرَفَعْنَاهُ﴾ عَائِدٌ عَلَى الْكُفْرِ، وَالمَعْنَى: لَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَا عَنْهُ الْكُفْرَ بِمَا مَعَهُ مِنْ آيَاتِنَا.

قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: لَرَفَعْنَا عَنْهُ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ، وَعَصَمْنَاهُ (٢) وَهَذَا المَعْنَى حَقٌّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ مُرَادُ الْآيَةِ، وَهَذَا مِنْ لَوَازِمِ المُرَادِ.


(١) إسناده منقطع: أخرجه الطبري في «تفسيره» رقم (١٥٤٧٤) عن ابن جريج قال: قال ابن عباس. وابن جريج لم يسمع من ابن عباس.
(٢) في إسناده مقال: أخرجه الطبري في «التفسير» رقم (١٥٤٧٥)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» رقم (٩٣٢٤)، ومجاهد في «تفسيره» رقم (٤٨٧) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: لدفعنا عنه.

<<  <   >  >>