للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: أكسر وأحمل قوله: "حدّثنا" (١) على "قال لي".

قيل: هذا خلاف الظّاهر، ولا يترك الظّاهر إلى غيره إِلَّا لدليل مانع من الظّاهر. ولو جاز مثل هذا لجاز في قوله تعالى: {أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ} [المؤمنون: ٣٥] الكسر؛ لأنّ "يعدكم" بمعنى "يقول لكم".

(٢٣٧ - ٢) وفي حديثه: "إيَّاكُمْ وَهَاتَان الْكَعْبَتَان الْمَوْسُومَتَان اللَّتَان تَزْجُرَان؛ فَإِنَّهُمَا مِنْ مَيْسِرِ الْعَجَمِ" (٢):

قال - رحمه اللَّه! -: وقع في هذه الرِّواية "هاتان" وما بعده بالرفع، والقياس أن ينصب الجميع عطفًا على "إياكم"؛ كما تقول: إياك والشرَّ؛ أي: جنب نفسك الشر. والمعنى: تجنبوا هاتين. فأمّا الرفع فيحتمل ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون معطوفًا على الضمير في "إياكم" أي: "إياكم وهاتان" (٣)؛ كما قال جرير (٤): [المتقارب]

(٢٣) فَإيَّاكَ أَنْتَ وَعبْدُ الْمَسيِـ ... ـحِ أن تَقْرَبا قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ

والثّاني: أن يكون مرفوعًا بفعل محذوف تقديره: لِتُجْتَنَبْ هاتان.

والثّالث: - صلى الله عليه وسلم - أن تكون الألف في "هاتان" وما بعده غير دليل الرفع بل على


(١) في خ: حدثني.
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (٤٢٥٢)، وفيه إبراهيم الهجري، قال الحافظ: لين الحديث. والكعاب: فصوص النرد، وأحدها: كعب وكعبة، وهي موسومة بما فيها من العلّامات المعروفة.
(٣) الصواب أن يقول: "إياكم أنتم وهاتان" ليصبح له الاستدلال بعد، وقد سقطت كلمة "أنتم" من النسختين المطبوعة والمخطوطة، فلما عدت إلى "عقود الزبرجد" وجدتها مثبتة هناك، انظر "عقود الزبرجد" (١/ ٢٢).
(٤) البيت في "ديوانه" (ص ١٠٢) هكذا:
نفاك الأغر ابن عبد العزيز ... بحقك تنفى عن المسجد
يخاطب الفرزدق، والبيت الّذي معنا في ملحق "ديوان جرير" (ص ١٠٢٧)، ويعني بـ "عبد المسيح" الأخطل الشاعر النصراني، ، وفي "شرح أبيات سيبويه" (١/ ٣٩٠)، و"الكتاب" (١/ ٢٧٨)، وبلا نسبة كما في "المقتضب" (٣/ ٢١٣).
والشّاهد فيه: عطف "عبد المسيح" على "إياك".

<<  <   >  >>