للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٦٢ - ٣) وفي حديث القسامة: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "تَسْتَحِقُّوا صَاحِبَكُمْ، أوْ قَتِيلَكُمْ بِأَيْمَانٍ خَمْسِينَ مِنْكُمْ" (١):

"خَمْسِينَ" بدل من "أَيْمَانٍ"، وقوله: "مِنْكُمْ" نعت لـ"أَيْمَانٍ"، وليس المراد بأيمان خمسين بالإضافة؛ لأنّ المعتبر عدد الأيمان لا عدد الحالفين.

وقوله: "فَيُبْرِئِكُمْ [يهود] (٢) بِخَمْسِينَ يَمِينٍ" الصواب: "يمينًا" بالنصب؛ لأنّه تمييز للعدد، ولا وجه للجر.

(١٦٣ - ٤) وفي حديثه: وقال: "إِنَّ جِبْرِيلَ أَوْ مَلَكٌ" (٣) وقع في هذه الرِّواية "ملك" بالرفع، والجيد النصب عطفًا على اسم "إن"، وأمّا الرفع فله وجهان:

أحدهما: أن يكون مبتدأ، و"جاء" خبره، وخبر "إن" محذوف دل عليه "جاء"، تقديره: إِنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ اوْ مَلَكٌ جَاءَ.

والوجه الثّاني: يخرج على مذهب الكوفيين؛ فإنهم يجيزون العطف على موضع "إن" (٤).


(١) صحيح: أخرجه البخاريّ (٦١٤٢)، وأحمد (١٦٨٢٥).
(٢) سقط في خ.
(٣) صحيح: أخرجه ابن ماجه (١٦٠)، ولفظه: "جاء جبريل أو ملك ... "، وهو عند أحمد (١٥٣٩٣): "إن جبريل أو ملكًا جاء إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فقال: ما تعدون من شهد بدرًا فيكم؟ .- الحديث".
(٤) ذهب الكوفيون إلى أنّه يجوز العطف بالرفع على موضع "إن" قبل تمام الخبر، كما هو معنا في الحديث، وأمّا البصريون فمنعوا ذلك، فإذا عطف على المنصوب المذكور قبل استكمال "إن" خبرها تعين النصب عندهم. وأجاز الكسائي الرفع مطلقًا؛ تمسكًا بظاهر قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}، وقراءة بعضهم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ} برفع {وَمَلَائِكَتَهُ} وقول الشاعر:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني ومَيَّارٌ بها لغريب
ووافق الفراء الكسائي فيما خفي فيه إعراب المعطوف عليه، فنحو: إنك وزيد ذاهبان. قال سيبويه: واعلم أن ناسًا من العرب يغلطون فيقولون: إنهم أجمعون ذاهبون، و: إنك وزيد ذاهبان.
إِلَّا أن البصريين ردوا ذلك عليهم، وأجازوه بشرطين؛ أحدهما: أن يستكمل الخبر، والثّاني: كون العامل "إن" أو "أن" أو "لكن".
انظر تحرير المسألة في: "أوضح المسالك" (١/ ٣٥٢)، و"الإنصاف" (١/ ١٨٥)، و"حاشية الصبان" (١/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>