وقال ابن أبي أُويس: "وجدت في ظهر كتاب مالك: سألت مخرمة عما يحدّث به عن أبيه سمعها من أبيه؟ فحلف لي وقال: ورب هذه البنية - يعني المسجد - سمعت من أبي). الجرح والتعديل (٨/ ٣٦٤). وهذا الأثر من أبي أُويس وجادة، ولم يذكر هل كان الخط خط مالك أو غيره؟! فلا يعارض ما نص عليه الأئمة والله أعلم. ثم وجدت في تاريخ أبي زرعة الدمشقي (١/ ٤٤٢) قال: حدّثني أحمد بن صالح، قال: حدّثني ابن أبي أويس، قال: "رأيت في كتاب مالك بخطّه: قلت لمخرمة في حديث: سمعته من أبيك؟ فحلف لي لسمعه من أبيه". ومن طريقه أخرجه أيضا ابن حبان في الثقات (٧/ ٥١٠)، لكن وقع فيه: "ما حدّثتني سمعته من أبيك". وذكر المحقق أنَّ في الأصل: حدّثني. ولعل الصواب ما وقع في تاريخ أبي زرعة. قلت: وهذا أيضا وجادة، ولو صح يحمل سماعه على حديث معيّن سأله عنه مالك، والذي تطمئن إليه النفس أنَّه لم يسمع من أبيه شيئًا، وأنَّ روايته عن أبيه وجادة، وهو ما قاله مخرمة نفسه كما سبق، وإلى هذا مال ابن حجر فقال في حديث رواه مسلم عن مخرمة عن أبيه (وهو حديث ساعة الإجابة يوم الجمعة): "أُعلّ بالانقطاع والاضطراب، أما الانقطاع فلأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن مسلمة عن مخرمة، وزاد: إنما هي كتب كانت عندنا، وقال علي بن المديني: لم أسمع من أهل المدينة من يقول عن مخرمة عنه قال في شئ من حديثه: سمعت أبى، ولا يُقال مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا، لأنا نقول: وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كاف في دعوى الانقطاع". الفتح (٢/ ٤٨٩). وللحديث شواهد عدة، منها ما سيأتي في مسند أبي سعيد (٣/ ٢٤٨). (١) انظر: تهذيب الكمال (٢٧/ ١٤٨)، تهذيب التهذيب (١٠/ ١٧).