وقال الحاكم: "مات زيد بن أبي أنيسة وهو ابن ثلاثين سنة، وصالح بن كيسان وهو ابن مائة ونيف وستين ستة، وكان قد لقي جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ، ثم بعد ذلك تلمذ للزهري، وتلقّن عنه العلم، وهو ابن تسعين سنة، ابتدأ بالتعلم وهو ابن سبعين". تاريخ دمشق (٢٣/ ٣٧٢). وتعقّب كلٌّ من الذهبي وابن حجر قول الحاكم، فقال الذهبي: "وهم الحاكم وهمين في قَولةٍ … ، والجواب: "أن زيدا مات كهلا من أبناء أربعين سنة أو أكثر، وصالح عاش نيفًا وثمانين سنة، ما بلغ التسعين، ولو عاش كما زعم أبو عبد الله لعُدّ في شباب الصحابة، فإنه مدني، ولكان ابن نيِّف وثلاثين سنة وقت وفاة النبي ﷺ، ولو طلب العلم كما قال الحاكم، وهو ابن سبعين سنة لكان قد عاش بعدها نيِّفًا وتسعين سنة، ولسمع من سعد بن أبي وقَّاص، وعائشة، فتلاشى ما زعمه). السر (٥/ ٤٥٦). وقال ابن حجر: "هذه مجازفة قبيحة، مقتضاها أن يكون صالح وُلد قبل بعثة النبي ﷺ، وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم". تهذيب التهذيب (٤/ ٣٥١). وقال يعقوب بن سفيان: "حدَّثنا عبيد الله بن سعد قال: سمعت عمي (وهو يعقوب بن إبراهيم ابن سعد) يذكر عن أبيه (إبراهيم بن سعد الزهري) قال: كان صالح بن كيسان مؤدِّب ابن شهاب، فربما ذكر صالح الشيء فيرد عليه ابن شهاب، يقول: حدثنا فلان، وحدثنا فلان، يخالف ما قال، قال: فيقول له صالح: تكلَّمني، وأنا أقمت أود لسانك". المعرفة والتاريخ (١/ ٦٤٢). ولا شك أن صالح بن كيسان أكبر من الزهري سنا، وهو ثقة ثبت، لكن الزهري إمام أيضًا، ومتثبّت فيما يروي، فلعل حديث الباب كان عند عبيد الله بالوجهين، ويؤيِّده إخراج مسلم في صحيحه رواية الزهري، والله أعلم بالصواب. (١) الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم (٢/ ٦٢٧) (رقم: ٦). وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي ﷺ (٧/ ٢٧٩) رقم: ٦٦٣٣) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وفي المحاربين من أهل الكفر والرِّدَّة، =