وذكروا أدلّة لكلا القولين: فمن أدلّة القول الأول ما رواه الخطيب من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن المنكدر، عن عروة، عن عائشة قالت: استأذن رجل … فذكره، وفي آخره: قال معمر: "بلغني أن الرجل كان عيينة بن حصن". ومنها ما رواه عبد الغني بن سعيد من طريق عبد الله بن عبد الحكم عن مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت: استأذن عيينة بن حصن بن بدر الغزاري على النبي ﷺ الحديث، أورده ابن بشكوال في الغوامض (١/ ٣٥٨) (رقم: ٣١٧) بإسناد عنه. ومنها ما أخرجه ابن بشكوال في الغوامض (٣١٨) من طريق ابن مزين عن حبيب الحنفي كاتب مالك قال: كان الرجل الذي قال فيه رسول الله ﷺ: "بئس ابن العشيرة" عيينة بن بدر الغزاري. واحتج ابن بشكوال أيضًا (٣١٩) بما أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عيينة بن بدر استأذن على رسول الله ﷺ، فذكره مرسلًا، قال الزرقاني: ومع إرساله صحيح. واستدل من قال إن الرجل المتقي هو مخرمة بن نوفل بما رواه الخطيب وابن بشكوال من طريق النضر بن شميل عن أبي عامر الخزاز، عن أبي يزيد المدني عن عائشة قالت: جاء مخرمة بن نوفل يستأذن فذكره. ولأجل ورود القول الأول من طرق عديدة وقوية رجحه المؤلف بقوله: "والقول الأول أظهر وأشهر"، قال الزرقاني: "حديث تسميته عيينة صحيح وإن كان مرسلًا، وخبر تسميته مخرمة فيه راويان ضعيفان ولم يسمهما"، فلعله يريد أبا عامر الخزاز وهو كثير الخطأ، وأبا يزيد المدني وهو مقبول. انظر: التقريب (٢٨٦١) (٨٤٥٢). وممن جزم بصحة كونه عيينة ابن بطال وعياض والقرطبي، والنووي والسيوطي والسنوسي قالوا: يبعد أن يقول النبي ﷺ في حق مخرمة ما قال؛ لأنه كان من خيار الصحابة. وأما ابن حجر فقد ذكر القولين وحملهما على تعدّد القصة، والراجح ما قاله المؤلف والله أعلم. انظر: شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٤٤)، وفتح الباري (١٠/ ٤٦٨، ٤٧٠)، وإكمال إكمال المعلم (٧/ ٣٨)، والديباج للسيوطي (٥/ ٢٤٥)، والزرقاني (٤/ ٣١٨).