وأغرب من ذلك أنه أقر ابن بطال على هذا الكلام ولم يعلق عليه بشيء، مع
كونه كلام بطال؛ لأن حديث أبي بكر مثل حديث انه في أن كلا ً منهما ذكر
الخطبة قبل الصلاة، أما حديث الابن فهو الذي كنا في صدده، وأما حديث الأب
فهو التالي!
وبالجملة؛ فالطرق المتقدمة عن عبد الله بن أبي بكر كلها متفقة مع رواية مالك
المحفوظة أنه ليس فيها أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالصلاة قبل الخطبة؛ فتأكد شذوذها.
ويزيد ذلك تأكيداًَ الأمر التالي، وهو:
الثالث: أن عبد الله بن أبي بكر قد توبع على الرواية المحفوظة من جمع.
أولهم: أبوه أبو بكر بن محمد أن عباد بن تميم أخبره به.
أخرجه البخاري (١٠٢٨) ، ومسلم والدارمي (١ / ٣٦٠) ، وابن ماجه وابن
خزيمة (١٤٠٧) ، والدارقطني (٢ / ٦٧ / ٩) ، وعبد الرزاق (٣ / ٨٣ / ٤٨٩٠) ،
والحميدي (٤١٦) - وعنه البيهقي (٣ / ٣٥٠) -، وأحمد (٤ / ٣٨ - ٣٩) من
طرق عنه. بعضهم لم يسق لفظه، وإنما أحال به على حديث سفيان المتقدم عن
عبد الله بن أبي بكر بقوله: ((بمثله)) ؛ كابن ماجه، أو قولِِهِ: ((نحوه)) ؛
كالدارقطني والحميدي، وساق له البيهقي مثلما تقدم، قال:
((يستسقي، فحول رداءه، واستقبل القبلة، وصلى ركعتين)) .
وهكذا ساقه ابن خزيمة، ولفظه أتم:
((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فخطب، واستقبل
القبلة، ودعا واستسقى، وحول رداءه، وصلى بهم)) .