قلت: وهذا الجواب ظاهر التكلف؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في بيته؛ لأن في الحديث - كما تقدم - أن المغيرة كان ضيفاً عليه - صلى الله عليه وسلم - لما قص شاربه، فهل يعقل أن لا يكون عنده - صلى الله عليه وسلم - مقراض بل مقاريض؛ إذا تذكرنا أنه كان له تسع زوجات؟!
فلعل الطحاوي لم يستحضر ضيافة المغيرة عليه - صلى الله عليه وسلم -، أو أنها لم تقع له، وهذا هو الأقرب الذي يقتضيه حسن الظن به؛ لأنه إنما روى الحديث مختصراً.
وكذلك ذكره الشوكاني (١/ ١٠١) ، وقال عقبه - بعد أن حكى خلاصة كلام الطحاوي بقوله: "قال: وهذا لا يكون معه إحفاء" -:
"ويجاب عنه أنه محتمل، ودعوى أنه لا يكون معه إحفاء ممنوعة، وهو إن صح كما ذكر؛ لا يعارض تلك الأقوال منه - صلى الله عليه وسلم -"!
قلت: وجواب الشوكاني أبعد عن الصواب من جواب الطحاوي؛ لأن الاحتمال المذكور باطل؛ لا يمكن تصوره من كل من استحضر قص الشارب على السواك.
وأما ترجيح أقواله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو صحيح لو كانت معارضة لفعله معارضة لا يمكن التوفيق، وليس الأمر كذلك؛ لما سبق بيانه.
واعلم أن الباعث إلى تخريج هذا الحديث: أنني رأيت الشوكاني ذكره من حديث ابن عباس نقلاً عن ابن القيم، فارتبت في ذلك، فرجعت إلى كتابه "زاد المعاد"؛ فرأيته فيه بلفظ: