ألا ترى إلى العلامة ابن القيم في (فصل صلاة الخوف) من كتابه "زاد المعاد"؛ كيف أنه لم يجعل كل رواية رويت في صلاة الخوف صفة مستقلة؟! بل أنكر ذلك فقال:
"وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف صفات أخر ترجع كلها إلى هذا، وهذه أصولها، وربما اختلف بعض ألفاظها، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات، وذكرها ابن حزم نحو خمس عشرة صفة، والصحيح ما ذكرناه أولاً (يعني: ست صفات) ؛ وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة؛ جعلوا ذلك وجوهاً من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من اختلاف الرواة".
والخلاصة: أن الزيادة المذكورة في حديث طلحة - وكذا في حديث أبي هرية الذي قبله - زيادة شاذة لا تصح عندي. ومن صححها؛ فإنما نظر إلى كون راويها - إسماعيل بن جعفر - ثقة، دون النظر إلى المخالفة - مالك - له فيها، واختلاف الرواة على إسماعيل في إثباتها.
فلا جرم أن أعرض عن روايتها إمام الأئمة أبو عبد الله البخاري، وهذا هو غاية الدقة في التخريج، جزاه الله خيراً.
ثم إنه قد بدا لي شيء آخر أكد لي نكارة الزيادة في حديث طلحة خاصة، ألا وهو أنه بينما نرى الأعرابي السائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام؛ يحلف بالله دون سواه؛ إذا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - يحلف بأبيه كما تقول الزيادة! فهذه المقابلة مستنكرة عندي مهما قيل في تأويل الزيادة. والله أعلم.
ثم رأيت ابن عبد البر قد جزم في "التمهيد"(١٤/ ٣٦٧) بأن الزيادة غير محفوظة - كما سيأتي -؛ فالحمد لله على توفيقه.