قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليسترجع أحدكم في كل شيء حتى في شِسع نعله؛ فإنّها من المصائب".
ــ
الأول: أن يحيى بن عبيد الله راوي هذا الحديث ليس وابن أبي مليكة، كما ظننت بل هو ابن عبد الله بن موهب المتروك؛ وأبوه مجهول.
وسبب الوقوع في هذا الخطأ أن اسم يحيى وقع في "المطبوع" هكذا: "يحيى بن عبد الله" وهو خطأ، والصواب بالتصغير ابن عبيد الله، وكذا هو في "المخطوط" (ق ٤٨)؛ فليصحح.
الثاني: أن هشيمًا صرح بالتحديث عند البيهقي في "الشعب" والسند إليه صحيح، ثم هو لم يتفرد به بل تابعه ثقتان: هما حفص بن غياث، ويعلي بن عبيدة فليصحح أيضًا.
وهذا كلُه مما يؤكد أن طالب العلم ينبغي أن لا يتوقف عن التحقيق، وأن يتراجع عن الخطأ إلى الصواب متى ظهر له، فكلنا يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد نبهني على بعض ما تقدم أحد أصحابنا -جزاه الله خيرًا-.
وهذا كله من خصائص المنهج السلفي دون غيره، وقد ربَّانا على ذلك شيخنا الإِمام الألباني - رحمه الله - فلله الحمد والمنة، على الإِسلام والسنة.
وللحديث شاهد من حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانقطع شسع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنّا لله وانا إليه راجعون"، فقال له رجل: هذا الشسع؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها مصيبة".
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٨/ ١٣٢/ ٧٦٠٠)، و"مسند الشاميين" (٤/ ٣٢١ / ٣٤٣٥)، وسمَّويه في "فوائده"؛ كما في "الدر المنثور" (١/ ٣٨٠) -.
قلت: إسناده موضوع؛ فيه العلاء بن كثير، كذبوه.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ٣٣١): "وفيه العلاء بن كثير؛ وهو متروك".
وقال الحافظ ابن حجر، كما في "الفتوحات الربّانية" (٤/ ٢٩): "هذا حديث غريب، وسنده ضعيف".
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٨/ ٢٠٣ - ٢٠٤ - ٧٨٢٤) من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد الألهاني، عن القاسم، عن أبي أمامة بنحوه.
قلت: وهذا سند ضعيف جدًا؛ فيه علتان:
الأولى: علي بن يزيد الألهاني؛ متروك الحديث.
الثانية: عبيد الله بن زحر؛ ضعيف.
والحديث ضعّفه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ٣٣١).
وبالجملة، فالحديث ضعيف لا يصح، ولا يتقوى بمجموع طرقه؛ نظرًا للضعف الشديد فيها.
وقد صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقوفًا: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٩/ ١٠٩/ ٦٧٠٢)، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (٢١٦)، وهنّاد السَّري