"ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تلك شاة لحم، فقال: يا رسول الله إن عندي جَذعَة من المعز، فقال: "ضح بها، ولا تصلح لغيرك" وفي رواية: "اذبحها، ولن تجزئ عن أحد بعدك" وفي أخرى "ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك". أخرجه مسلم (٦/ ٧٤ - ٧٦) والبخاري نحوه. ويبدو جليًا من مجموع الروايات أن المراد بـ "الجذعة" في اللفظ الأخير الجذعة من المعز، فهو في ذلك كحديث عقبة المتقدم من رواية البخاري، وأما فهم ابن حزم من هذا اللفظ "جذعة" العموم فيشمل عنده الجذعة من الضأن فمن ظاهريته وجموده على اللفظ دون النظر إلى ما تدل عليه الروايات بمجموعها، والسياق والسباق، وهما من المقيدات، كما نص على ذلك ابن دقيق العيد وغيره من المحققين. ذلك هو الجواب الصحيح عن حديث جابر - رضي الله عنه -. وأما قول الحافظ في "التلخيص" (ص ٣٨٥): "تنبيه: ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة، والإجماع على خلافه، فيجب تأويله، بأن يحمل على الأفضل، وتقديره: المستحب أن لا تذبحوا إلا مسنة". قلت: هذا الحمل بعيد جدًّا، ولو سلم فهو تأويل، والتأويل فرع التصحيح، والحديث ليس بصحيح كما عرفت فلا مبرر لتأويله. وقد تأوله بعض الحنابلة بتأويل آخر لعله أقرب من تأويل الحافظ، ففسر المسنة بما إذا كانت من المعز (١)! ويرد هذا ما في رواية لأبي يعلى في "مسنده" (ق ١٢٥/ ٢) بلفظ: =