للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال الحافظ في ترجمته من "التقريب":
"صدوق إلا أنه يدلس".
وأورده في المرتبة الثالثة من كتابه "طبقات المدلسين" (ص ١٥) وقال:
"مشهور بالتدليس، ووهم الحاكم في "كتاب علوم الحديث" فقال في سنده: "وفيه رجال غير معروفين بالتدليس! " وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس".
وقال في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه:
"الثالثة: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقًا، ومنهم من قبلهم، كأبي الزبير المكي".
قلت: والصواب من ذلك المذهب الأول، وهو قبول ما صرحوا فيه بالسماع، وعليه الجمهور خلافًا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقًا ولو صرحوا بالتحديث كما نص عليه في أول كتابه "الإحكام في أصول الأحكام" - على ما أذكر، فإن يدي لا تطوله الآن - وأرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي آنفًا أن ابن حزم يحتج به إذا قال: "سمعت". وهذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته، فقال في "المحلى" في صدد الرد على المخالفين له (٧/ ٣٦٣ - ٣٦٤):
"هذا حجة على الحاضرين من المخالفين، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن، مع وجود المسنات، فقد خالفوه، وهم يصححونه، وأما نحن فلا نصححه، لأن أبا الزبير مدلس ما لم يقل في الخبر: أنه سمعه من جابر، هو أقر بذلك على نفسه، روينا ذلك عنه من طريق الليث بن سعد".
وجملة القول: أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة "عن" ونحوها، وليس من رواية الليث بن سعد عنه، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به، حتى يتبين سماعه، أو نجد ما يشهد له، ويعتضد به.
هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق، فطالما غفل عنها عامة الناس، وقد كنت واحدًا منهم، حتى تفضل الله علي فعرفني بها، فله الحمد والشكر، وكان من الواجب علي أن أنبه على ذلك، فقد فعلت، والله الموفق لا رب سواه.
وإذا تبين هذا، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية بالجذع من الضأن، أحدهما حديث عقبة بن عامر، والآخر حديث مجاشع بن مسعود السلمي وفيه: "إن الجذع يوفي مما يوفي الثني"، وكنت تأولتهما بما يخالف ظاهرهما توفيقًا بينهما وبين حديث جابر، فإذ قد تبين ضعفه، وأنه غير =

<<  <  ج: ص:  >  >>