للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَأْنِهِمْ، قَالَ لَهُمْ: أَفِيكُمْ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الإيَادِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، كُلُّنَا نَعْرِفُهُ. قَالَ: مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: هَلَكَ (١).

قَالَ: مَا أَنْسَاهُ بِسُوقِ عُكَاظٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمِعُوا، وَاسْتَمِعُوا وَعُوا (٢)، كُلُّ مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَكُلُّ مَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي

الأَرْضِ لَعِبَرًا، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ (٣)، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ (٤)، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ


(١) هلك بمعنى مات ومنه قوله تعالى: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: ١٧٦]، ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ [غافر: ٣٤] وقوله: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] وقال حسان بن ثابت في شأن سعد بن معاذ: وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ مِنْ مَوْتِ هَالِكٍ … سَمِعْنَا بِهِ إلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرٍو. كما في «نزهة الأبصار في مناقب الأنصار» (ص: ٢٩٠) لابن الفراء.
وهذا يخالف استعمالنا: فلان هلك أو هالك أي: مات على الكفر والعياذ بالله.
(٢) عوا فعل أمر مبني على حذف النون لتصاله بواو الجماعة كالأمرين السابقين: اجتمعوا، استمعوا.
وهو أمر من الوعي إذ ماضيه وعى فهو فعل معتل لفيف مقرون المضارع منه: يَعِي على وزن يعِل والأمر عِهْ بهاء السكت؛ لأنه بقي على حرف واحد عِ والأصل اوعى حذفت الواو حملا على حذفها من المضارع ثم حذفت همزة الوصل لعدم الداعي إليها إذ تأتي توصلًا للنطق بالساكن ثم حذفت الياء للبناء فصار عِ على وزن عِ ثم أوتي بهاء السكت؛ لأن العرب لا تقف على متحرك كما لا تبدأ بساكن.
(٣) أي: أرض موضوعة من قوله تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾ [الرحمن: ١٠] وقوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ [طه: ٥٣].
(٤) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢] وقال جل ذكره: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ [الرحمن: ٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>