للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَنَا مِنْ جِدَارٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَأخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ، ثُمَّ قُلْتُ: ألا تَقْضِينِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي؟، فَوَاللهِ- مَا عَلِمْتُكُمْ- بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مُطْلٌ، وَلَقَدْ كَانَ لِي لِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ. قَالَ: وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب، وَعَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ، كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِنَظَرِهِ وَقَالَ. أيْ عَدُوَّ الله، أتَقُولُ لِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مَا أسْمَعُ وَتَفْعَلُ بِهِ مَا أرَى؟. فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، لَوْلا مَا احَاذِرُ فَوْتَهُ لَضَرَبْتُ بسَيْفِي هذَا عُنُقَكَ. وَرَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَنْظُرُ إلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتَؤُدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: "إنَّا كنَّا أحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هذَا مِنْكَ يَا عُمَرُ: أنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأدَاءِ، وَتَأمُرَهُ بِحُسْنِ التِّبَاعَةِ (١) اذْهَبْ بِهِ يا عُمَرُ فَاقْضِهِ حَقَّهُ وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعاً (١٦٧/ ١) مِنْ غَيْرِهِ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ". فَذَهَبَ بِي عُمَرُ فَقَضَانِي حَقِّي، وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا هذِهِ الزَيَادَةُ؟. قَالَ (٢): أمَرَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أن ازِيَدَكَهَا مَكَانَ مَا رُعْتكَ. قُلْت: اتَعْرِفنِي يَا عُمَرُ؟. قَالَ: لَا، مَنْ أنْتَ؟. قُلْتُ: زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ. قَالَ: الْحَبْرُ؟. قلْتُ: نَعَمْ، الْحَبْرُ. قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إلَى أنْ تَقُولَ لِرَسُولِ الله مَا قُلْتَ، وَتَفْعَلَ بِهِ مَا فَعَلْتَ؟. قُلْتُ: يَا عُمَرُ كُلُّ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ قَدْ عَرَفْتهَا فِي وَجْهِ رَسُولِ


(١) التِّبَاعَة- بكسر المثناة من فوق، وفتج الباء الموحدة من تحت، وفتح العين المهملة-: العاقبة وما يترتب عليها من أثر. ويقال: لي قبل فلاق تباعة: ظلامه
(٢) في (س): "قلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>