وقال ابن كثير- بعد أن جمع الأحاديث التي تتعلق بالإسراء والمعراج، بأسانيدها العديدة، ورواياتها المختلفة ٤/ ٢٣٩ - ٢٧٦: "وإذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث: صحيحها، وحسنها، وضعيفها، يحصل مضمون ما اتفقت عليه من مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-من مكة إلى بيت المقدس، وأنه مرة واحدة، وإن اختلفت عبارات الرواة في أدائه، أو زاد بعضهم فيه، أو نقص منه، فإن الخطأ جائز على من عدا الأنبياء- عليهم السلام- ومن جعل من النَّاس كل رواية خالفت الأخرى مرة على حدة فأثبت إسراءات متعددة فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب، ولم يتحصل على مطلب. وقد صرح بعض من المتأخرين بأنه عليه السلام أسري به مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط، ومرة من مكة إلى السماء فقط، ومرة إلى بيت المقدس، ومنه إلى السماء، وفرح بهذا المسلك، وأنه قد ظفر بشيء يخلص به من هذه الإشكالات، وهذا بعيد جداً، ولم ينقل هذا عن أحد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد، لأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - به أمته، ولنقله النَّاس على التعدد والتكرار ... والحق أنه -عليه السلام- أسري به يقظة لا مناماً من مكة إلى بيت المقدس راكباً على البراق ... " وانظر بقية كلامه هناك. (١) هو أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، وقد تقدم التعريف به عند الحديث (١١).