للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَنَا} [الأنعام: ١٢٨]، الِاسْتِمْتَاعُ بِالشَّيْءِ هُوَ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِهِ فَيَنَالَ بِهِ مَا يَطْلُبُهُ وَيُرِيدُهُ وَيَهْوَاهُ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اسْتِمْتَاعُ الرّجَالِ بالنِّسَاءِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، كَمَا قَالَ: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: ٢٤]

وَمِن ذَلِكَ الْفَوَاحِشُ؛ كَاسْتِمْتَاعِ الذُّكُورِ بِالذّكورِ وَالْإِنَاثِ بِالْإِنَاثِ.

وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الِاسْتِمْتَاعُ بِالِاسْتِخْدَامِ وَأَئِمَّةِ الرِّيَاسَةِ، كَمَا يَتَمَتَّعُ الْمُلُوكُ وَالسَّادَةُ بِجُنُودِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْأَمْوَالِ كَاللّبَاسِ.

وَفِي الْجُمْلَةِ: اسْتِمْتَاعُ الْإِنْسِ بِالْجِنّ وَالْجِنِّ بِالْإِنْسِ يُشْبِهُ اسْتِمْتَاعَ الْإِنْسِ بِالْإِنْسِ.

وَتَارَةً يَخْدِمُ هَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ فِي أَغْرَاضِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ فِي أَغْرَاضِهِمْ؛ فَالْجِنُّ تَأْتِيهِ بِمَا يُرِيدُ مِن صُورَةٍ أَو مَالٍ أَو قَتْلِ عَدُوِّهِ.

وَالْإِنْسُ تُطِيعُ الْجِنَّ، فَتَارَةً تَسْجُدُ لَهُ، وَتَارَة تَسْجُدُ لِمَا يَأْمُرُهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَتَارَةً تُمَكِّنُهُ مِن نَفْسِهِ فَيَفْعَلُ بِهِ الْفَاحِشَةَ.

وَكَذَلِكَ الْجِنّيَّاتُ مِنْهُنَّ مَن يُرِيدُ مِن الْإِنْسِ الَّذِي يَخْدِمْنَهُ مَا يُرِيدُ نِسَاءُ الْإِنْسِ مِن الرِّجَالِ.

وَهَذَا كَثِيرٌ فِي رِجَالِ الْجِنِّ وَنِسَائِهِمْ، فَكَثِيرٌ مِن رِجَالِهِمْ يَنَالُ مِن نِسَاءِ الْإِنْسِ مَا يَنَالُهُ الْإِنْسِيُّ، وَقَد يَفْعَلُ ذَلِكَ بِالذُّكْرَانِ (١).

وَصَرْعُ الْجِنّ لِلْإِنْسِ هُوَ لِأَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ:

أ - تَارَةً يَكُونُ الْجِنِّيُّ يُحِبُّ الْمَصْرُوعَ فَيَصْرَغهُ لِيَتَمَتَّعَ بِهِ، وَهَذَا الصَّرْعُ يَكُونُ أَرْفَقَ مِن غَيْرِهِ وَأَسْهَلَ.


(١) يرى الشيخ أنّ الاستمتاع بين الجن والإنس قد يكون بالجماع، وقد صرح بذلك في غير هذا الموضع أيضًا، حيث قال (١٩/ ٣٩ - ٤٠): وَصَرْعُهُم لِلْإِنْسِ قَد يَكُونُ عَن شَهْوَةٍ وَهَوًى وَعِشْقٍ كَمَا يَتَّفِقُ لِلْإِنْسِ مَعَ الْإِنْسِ وَقَد يَتَنَاكَحُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَيُولَدُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ وَهَذَا كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ وَقَد ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ وَتَكَلَّمُوا عَلَيْهِ وَكَرِهَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مُنَاكَحَةَ الْجِنِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>