٧٠٨ - مَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيًّا وَمَن مَعَهُ مِن الصَّحَابَةِ كَانُوا أَفْضَلَ مِن مُعَاوِيةَ وَمَن مَعَهُ بِالشَّامِ … وَقَد أَخْرَجَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١) عَن أَبِي سَعِيدٍ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ مِن الدِّينِ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِن الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهُم أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ"، وَهَؤُلَاءِ الْمَارِقُونَ هُم الْخَوَارجُ الحرورية الَّذِينَ مَرَقُوا لَمَّا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، فَقَتَلَهُم عَلِيَّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ، فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِن مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ. [١١/ ١٦٧ - ١٦٨]
٧٠٩ - السَّلَفُ كَانُوا يُسَمُّونَ كُلَّ مَن نَفَى الصِّفَاتِ، وَقَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ جهميُّا، فَإِنَّ جَهْمًا أَوَّلُ مَن ظَهَرَتْ عَنْهُ بِدْعَةُ نَفْيِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَبَالَغَ فِي نَفْيِ ذَلِكَ، فَلَهُ فِي هَذِهِ الْبِدْعَةِ مَزِيَّةُ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ وَالِابْتِدَاءِ بِكَثْرَةِ إظْهَارِ ذَلِكَ وَالدَّعْوَةِ إلَيْهِ، وَإِن كَانَ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ قَد سَبَقَهُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ أَوَّلُ مَن أَحْدَثَ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ.
وَلَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ وإِن وَافَقُوا جَهْمًا فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَهُم يُخَالِفُونَهُ فِي مَسَائِلَ غَيْرِ ذَلِكَ: كَمَسَائِلِ الْقَدَرِ وَالْإِيمَانِ وَبَعْضِ مَسَائِلِ الصِّفَاتِ أَيْضًا، وَلَا يُبَالِغُونَ فِي النَّفْيِ مُبَالَغَتَهُ، وَجَهْمٌ يَقُولُ: إنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَتَكَلَّمُ، أَو يَقُولُ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَيَقُولُونَ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ حَقِيقَةً، لَكِنَّ قَوْلَهُم فِي الْمَعْنَى هُوَ قَوْلُ جَهْمٍ.
وَجَهْمٌ يَنْفِي الْأَسْمَاءَ أَيْضًا كَمَا نَفَتْهَا الْبَاطِنِيَّةُ وَمَن وَافَقَهُم مِن الْفَلَاسِفَةِ، وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَا يَنْفُونَ الْأَسْمَاءَ. [١٢/ ١١٩]
(١) رواه مسلم (١٠٦٤)، ولم أجده في البخاري.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute