للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَمَا جَاءَ بِهِ مِن هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ (١): أَعْظَمُ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَعِيسَى.

فَإِنَّ الَّذِي عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مِن تَوْحِيدِ اللهِ وَمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَمَعْرِفَةِ الْيَوْم الْآخِرِ، وَصِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ: أَعْظَمُ وَأَجَلُّ بِكَثِير مِمَّا عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.

وَهَذَا بَيِّنٌ لِكُلِّ مَن يَبْحَثُ عَن ذَلِكَ.

وَمَا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مِن الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ؛ مِثْل الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَغَيْرِهَا مِن الصَّلَوَاتِ، وَالْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ: أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِمَّا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وَمَا عِنْدَهُم مِن الشَّرِيعَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ: أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِمَّا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ.

فَالْمُسْلِمُونَ فَوْقَهُم فِي كُلِّ عِلْيم نَافِعٍ، وَعَمَلٍ صَالِحٍ، وَهَذَا يَظْهَرُ لِكُلِّ أَحَدٍ بِأَدْنَى نَظَرٍ، لَاْ يَحْتَاجُ إلَى كَثِيرِ سَعْيٍ.

وَالْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كُل هُدًى وَخَيْرٍ يَحْصُلُ لَهُمْ: فَإِنَّمَا حَصَلَ بِنَبِيِّهِمْ -صلى الله عليه وسلم-.

فَكَيْفَ يُمْكِنُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ مُوسَى وَعِيسَى نَبِيَّيْنِ، وَمُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- لَيْسَ بِنَبِيّ، وَأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَلَى الْحَقِّ؟

فَمَا هُم عَلَيْهِ مِن الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ: أَعْظَمُ مِمَّا عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ وَذَلِكَ إنَّمَا تَلَقَّوْهُ مِن نَبِيِّهِمْ.

فَأَصْلُ دِينِهِمْ حَقٌّ .. لَكِنْ كُلٌّ مِن الدِّينَيْنِ مُبَدَّلٌ مَنْسُوخٌ؛ فَإِنَّ الْيَهُودَ بَدَّلُوا وَحَرَّفُوا، ثُمَّ نُسِخَ بَقِيَّةُ شَرِيعَتِهِمْ بِالْمَسِيحِ -صلى الله عليه وسلم-.

وَنَفْسُ الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى- مِثْلُ نُبُوَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهِيَ أَكْثَرُ


(١) وهما: الدِّين وَالشَّرِيعَة، والآيَات الْمُعْجِزَات.

<<  <  ج: ص:  >  >>