للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَإِنَّ الْأَشْعَرِيَّ: مَا كَانَ يَنْتَسِبُ إلَّا إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِمَامهمْ عَنْهُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ.

وَقَد ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُ فِي مُنَاظَرَاتِهِ: مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَهُ مِن مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْحَدِيثِ، لَمْ يَجْعَلْهُ مُبَايِنًا لَهُمْ، وَكَانُوا قَدِيمًا مُتَقَارِبِينَ، إلَّا أَنَّ فِيهِمْ مَن يُنْكِرُ عَلَيْهِ مَا قَد يُنْكِرُونَهُ عَلَى مَن خَرَجَ مِنْهُم إلَى شَيْءٍ مِن الْكَلَامِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن الْبِدْعَةِ، مَعَ أَنَّهُ فِي أَصْلِ مَقَالَتِهِ لَيْسَ عَلَى السُّنَّةِ الْمَحْضَةِ؛ بَل هُوَ مُقَضرٌ عَنْهَا تَقْصِيرًا مَعْرُوفًا.

وَالْأَشْعَرِيَّة فِيمَا يُثْبِتُونَهُ مِن السُّنَّةِ فَرْعٌ عَلَى الْحَنْبَلِيَّةِ، كَمَا أَنَّ مُتَكَلِّمَةَ الْحَنْبَلِيَّةِ -فِيمَا يَحْتَجُّونَ بِهِ مِن الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ- فَرْعٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا وَقَعَت الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ فِتْنَةِ القشيري.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ الخراسانيين كَانُوا قَد انْحَرَفُوا إلَى التَّعْطِيلِ.

وَكَثِيرٌ مِن الْحَنْبَلِيَّةِ زَادُوا فِي الْإِثْبَاتِ.

فَابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِ الْمَادَّةُ الْمُعْتَزِلِيَّةُ بِسَبَبِ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ التَّبَّانِ المعتزليين؛ وَلهَذَا لَهُ فِي كِتَابِهِ "إثْبَاتِ التَّنْزِيهِ" وَفِي غَيْرِهِ كَلَامٌ يُضَاهِي كَلَامَ المريسي وَنَحْوِهِ، لَكِنْ لَهُ فِي الْإِثْبَاتِ كَلَامٌ كَثِيرٌ حَسَن، وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ فِي كِتَابِ "الْإِرْشَادِ"، مَعَ أَنَّهُ قَد يَزِيدُ فِي الْإِثْبَاتِ، لَكِنْ مَعَ هَذَا فَمَذْهَبُهُ فِي الصِّفَاتِ قَرِيبٌ مِن مَذْهَبِ قُدَمَاءِ الْأَشْعَرِيَّةِ والْكلَّابِيَة فِي أَنَّهُ يُقِرُّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْفرْآنُ وَالْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ، وَيَتَأَوَّلُ غَيْرَهُ.

وَالْغَزَالِيُّ فِي كَلَامِهِ مَادَّةٌ فَلْسَفِيَّةٌ كَبِيرَةٌ بِسَبَبِ كَلَامِ ابْنِ سِينَا فِي "الشفا" وَغَيْرِهِ وَ"رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا" وَكَلَامِ أَبِي حَيَّانَ التَّوْحِيدِيِّ.

وَأَمَّا الْمَادَّةُ الْمُعْتَزِلِيَّةُ فِي كَلَامِهِ فَقَلِيلَةٌ أَو مَعْدُومَةٌ، كَمَا أَنَّ الْمَادَّةَ الْفَلْسَفِيَّةَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ قَلِيلَةٌ أَو مَعْدُومَةٌ.

وَكَلَامُهُ فِي "الْإِحْيَاءِ": غَالِبُهُ جَيِّدٌ، لَكِنَّ فِيهِ مَوَادَّ فَاسِدَةً: مَادَّةٌ فَلْسَفِيَّةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>