للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وَلَو كَانَت بِكرًا أَو عِنْدَ مَن لَا يَطَؤُهَا فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَا زَرْعَ هُنَاكَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وَقَالَ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْآيَةِ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَجْرَ هُوَ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ إذَا لَمْ يَكُن بَيْنَهُمَا مُسَمُّى تَرْجِعَانِ إلَيْهِ.

وَأجْرَةُ الْمِثْلِ: إنَّمَا تُقَدَّرُ بِالْمُسَمَّى إذَا كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى يَرْجِعَانِ إلَيْهِ، كَمَا فِي الْبَيْعٍ وَالْإِجَارَةِ، لَمَّا كَانَ السِّلْعَةُ هِيَ أَو مِثْلُهَا بِثَمَن مُسَمًّى وَجَبَ ثَمَنُ الْمِثْل إذَا أُخِذتْ بغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ قُوِّمَ العَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَد عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ" (١).

فَهُنَاكَ أُقِيمَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ وَمِثْلَهُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَتُعْرَفُ الْقِيمَةُ الَّتِي هِيَ السِّعْرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَذَلِكَ الْأَجِيرُ وَالصَّانِعُ.

وَقَد كَانَ مِن النَّاسِ مَن يَخِيطُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى عَهْدِهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيَسْتَحِقُّ هَذَا الْخَيَّاطُ مَا يَسْتَحِقُّهُ نُظَرَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ يَسْتَحِقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ نَظِيرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ النَّاسِ.

وَأَمَّا الْأُمُّ الْمُرْضِعَةُ فَهِيَ نَظِيرُ سَائِرِ الْأمَّهَاتِ الْمُرْضِعَاتِ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ لَهُنَّ عَادَةٌ مُقَدَّرَةٌ إلَّا اعْتِبَارُ حَالِ الرَّضَاعِ بِمَا ذُكِرَ، وَهِيَ إذَا كَانَت حَامِلًا مِنْهُ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ اسْتَحَقَّتْ نَفَقَتَهَا وَكِسْوَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفَقَةٌ عَلَى الْحَمْلِ.

وَهَذَا أظْهَرُ قَوْلِي الْعُلَمَاءِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦].


(١) رواه البخاري (٢٥٢٢)، ومسلم (١٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>