للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مَعْرِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: هُوَ التَّقْرِيبُ، وإِلَّا فَيَعِزُّ وُجُودُ حَيَوَانٍ مِثْلُ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ.

٣٥٢٠ - مِن مَسَائِلِ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ: مَا قَد عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي كَثِيرٍ مِن بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَو أَكْثَرِهَا لَا سِيَّمَا دِمَشْقُ، وَذَلِكَ أَن الْأَرْضَ تَكُونُ مُشْتَمِلَةً عَلَى غِرَاسٍ وَأَرْضٍ تَصْلُحُ لِلزرْعِ، وَرُبَّمَا اشْتَمَلَتْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى مَسَاكِنَ، فَيُرِيدُ صَاحِبُهَا أَنْ يُؤَاجرَهَا لِمَن يَسْقِيهَا وَيَزْرَعُهَا أَو يُسْكِنُهَا مَعَ ذَلِكَ، فَهَذَا -إذَا كَانَ فِيهَا أَرْضٌ وَغِرَاسٌ- مِمَّا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِحَال، وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيّينَ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِن مَذْهَبِ أَحْمَد عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ إذَا كَانَ الشَّجَرُ قَلِيلًا، وَكَانَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَيْنِ أَو أَكْثَرَ، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَكْرَى دَارًا فِيهَا نَخَلَاتٌ قَلِيلَةٌ أَو شَجَرَاتُ عِنَبٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

وَذَكَرَ ابُو عُبَيْدٍ: أَنَّ الْمَنْعَ مِن إجَارَةِ الْأرْضِ الَّتِي فِيهَا شَجَرٌ كَثِيرٌ: إجْمَاعٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أنَّه يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا شَجَرٌ، وَدُخُولُ الشَّجَرِ فِي الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا .. وَهَذَا الْقَوْلُ كَالْإِجْمَاعِ مِن السَّلَفِ، وإِن كَانَ الْمَشْهُورُ عَن الْأئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ خِلَافَهُ.

فَقَد رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ -وَرَوَاهُ عَنْهُ حَرْبٌ الكرماني فِي مَسَائِلِهِ- قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ عَن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَن أَبِيهِ أَنَّ أسيد بْنَ حضير تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَدَعَا عُمَرُ غُرَمَاءَهُ فَقَبَّلَهُم أَرْضَهُ سنِينَ وَفِيهَا النَّخْل وَالشَّجَرُ.

وَالْغَرَضُ مِن هَذَا: أَنَّ تَحْرِيمَ مِثْل هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْأُمَّةُ الْتِزَامَهُ قَطُّ؛ لِمَا فِيهِ مِن الْفَسَادِ الَّذِي لَا يُطَاقُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ (١)؛ بَل هُوَ أَشَدُّ مِن


(١) استدل شيخ الإسلام على الجواز بأن الأمة لا تُطيق العمل به، وهذا من فهمِه وتشربه لروح الشريعة ومقاصدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>