للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الْمَالِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ جَائِزٌ، وَبَذْلَ الْفُجُورِ بِالنَّفْسِ أَو بِالْحُرْمَةِ غَيْرُ جَائِزٍ.

وَلَو كَانَت لَهُم شَوْكَةٌ قَوِيَّةٌ تَحْتَاجُ إلَى تَأْلِيفٍ فَأَعْطَى الْإِمَامُ مِنَ الْفَيْءِ وَالْمَصَالِحِ وَالزكَاةِ لِبَعْضِ رُؤَسَائِهِمْ يُعِينُهُم عَلَى إحْضَارِ الْباقِينَ أَو لِتَرْكِ شَرِّهِ فَيَضْعُفُ الْبَاقُونَ وَنَحْوُ ذَلِكَ: جَازَ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ مِن الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَقَد ذَكَرَ مِثْل ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأئِمَّةِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأُصُولِ الشَّرِيعَةِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَ الْإِمَامُ مَن يَضْعُفُ عَن مُقَاوَمَةِ الْحَرَامِيَّةِ، وَلَا مَن يَأخُذُ مَالًا مِنَ الْمَأخُوذِينَ: التُّجَّارُ وَنَحْوُهُم مِن أَبْنَاءِ السَّبِيلِ؛ بَل يُرْسِلُ مِنَ الْجُنْدِ الْأَقْوِيَاءَ الْأُمَنَاءَ، إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ذَلِكَ فَيُرْسِلُ الْأَمْثَلَ فَالْأَمْثَلَ.

٣٤٠٦ - مَن آوَى مُحَارِبًا أَو سَارِقًا أَو قَاتِلًا وَنَحْوَهُم مِمَن وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَو حَق للهِ تَعَالَى أَو لِآدَمِيِّ وَمَنَعَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْوَاجِبَ بِلَا عُدْوَانٍ فَهُوَ شَرِيكُهُ فِي الْجُرْمِ، وَقَد لَعَنَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:"لَعَنَ اللهُ مَن أَحْدَثَ حَدَثًا أَو آوَى مُحْدِثًا" (١).

وَإِذَا ظُفِرَ بِهَذَا الَّذِي آوَى الْمُحْدِثَ فَإِنَّهُ يُطلَب مِنْهُ إحْضَارهُ أَو الْإِعْلَام بِهِ، فَإِنِ امْتَنَعَ عُوقِبَ بِالْحَبْسِ وَالضرْبِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يُمَكنَ مِن ذَلِكَ الْمحدِثِ.

وَلَو كانَ رَجُلًا يَعْرِفُ مَكَانَ الْمَالِ الْمَطْلُوبِ بِحَقّ أَو الرَّجُلَ الْمَطْلُوبَ بِحَقّ وَهُوَ الَّذِي يَمْنَعُهُ فَإِنَّه يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ كِتْمَانُهُ، فَإِنَّ هَذَا مِن بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَذَلِكَ وَاجِبٌ.


(١) رواه مسلم (١٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>