وَلَو حَارَبُوا بِالْعَصَا وَالْحِجَارَةِ الْمَقْذُوفَةِ بِالْأيْدِي أَو الْمَقَالِيعِ وَنَحْوِهَا: فَهُم مُحَارِبُونَ أَيْضًا.
فَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ مَن قَاتَلَ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِن أَنْوَاعِ الْقِتَالِ: فَهُوَ مُحَارِبٌ قَاطِعٌ (١)، كَمَا أَنَ مَن قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكُفَّارِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِن أنْوَاعِ الْقِتَالِ فَهُوَ حَرْبِيٌّ، وَمَن قَاتَلَ الْكفَّارَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِسَيْفٍ أَو رُمْحٍ أَو سَهْمٍ أو حِجَارَةٍ أَو عَصًا فَهُوَ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ يَقْتُلُ النُفُوسَ سِرًّا لِأَخْذِ الْمَالِ .. فَهَل هُم كَالْمُحَارِبِينَ؟ أَو يَجْرِي عَلَيْهِم حُكْمُ الْقَوَدِ؟ .. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ؛ بَل قَد يَكُونُ ضَرَرُ هَذَا أَشَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرى بِهِ.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا إذَا طَلَبَهُم السُّلْطَانُ أَو نُوَّابُهُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ بِلَا عُدْوَانٍ فَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُم بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِم كُلّهمْ، وَمَتَى لَمْ يَنْقَادُوا إلَّا بِقِتَال يُفْضِي إلَى قَتْلِهِمْ كُلّهِمْ قُوتِلُوا وَإِن أَفْضَى إلَى ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانُوا قَد قَتَلُوا أو لَمْ يَقْتُلُوا.
لَكِنْ قِتَالهُم لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قِتَالِ الْكُفَّارِ إذَا لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا، وَلَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُم إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَخَذُوا أَمْوَالَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَإِنَّ عَلَيْهِم ضَمَانَهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُم بِقَدْرِ مَا أَخَذُوا وَإِن لَمْ نَعْلَمْ عَيْنَ الْآخِذِ.
وَكَذَلِكَ لَو عُلِمَ عَيْنهُ؛ فَإِنَّ الرِّدْءَ وَالْمُبَاشِرَ سَوَاءٌ كَمَا قُلْنَاهُ، لَكِنْ إذَا عُرِفَ عَيْنهُ كَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، ويُرَدُّ مَا يُؤخَذُ مِنْهُم عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِم كَانَ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، مِن رِزْقِ الطَّائِفَةِ الْمُقَاتِلَة لَهُم وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(١) وهو ما يُسمى في هذا الزمان: السطو المسلّح، فمن أشهر السلاح أو العصا في وجه صاحب الدكان لأخذ مالِه فهو مُحارب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute