يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى السَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ عِنْدَ الْاِطْلَاقِ، كَمَا أَنَ الْقَمِيصَ إذَا فُتِقَ وَصَارَ قطعًا لَمْ يُسَمَّ سَرَاوِيلَ.
وَدَلَّتْ نُصُوصُهُ الْكَرِيمَةُ وَأَلْفَاظُهُ الشَّرِيفَةُ الَّتِي هِيَ مَصَابِيحُ الْهُدَى عَلَى أُمُورٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَى مَعْرِفَتِهَا قَد تَنَازَعَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ:
مِنْهَا: أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لِلْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ يَلْبَسُ الْخُفَّ: إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا مَعَ الْقَطْعِ: كَانَ ذَلِكَ إذْنًا فِي كل مَا يُسَمَّى خُفًّا سَوَاءٌ كَانَ سَلِيمًا أَو مَعِيبًا، وَكَذَلِكَ لَمَّا أَذِنَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَانَ ذَلِكَ إذْنًا فِي كُل خُفِّ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ وَلَا مَا يُشْبِهُ النَّعْلَيْنِ -مِن خُفِّ مَقْطُوعٍ أَو جُمْجُمٍ أَو مَدَاسٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ- فَإِنَّهُ يَلْبَسُ أَيَّ خُفِّ شَاءَ وَلَا يَقْطَعُهُ، هَذَا أَصَحُّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ بِذَلِكَ فِي عَرَفَات بَعْدَ نَهْيِهِ عَن لُبْسِ الْخُفِّ مُطْلَقًا، وَبَعْدَ أَمْرِهِ مَن لَمْ يَجِدْ أنْ يَقْطَعَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُم بِعَرَفَات بِقَطْعٍ، مَعَ أَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا بِعَرَفَات كَانَ كَثيرٌ مِنْهُم أَو أَكْثَرُهُم لَمْ يَشْهَدُوا كَلَامَهُ بِالْمَدِينَةِ؛ بَل حَضَرَ مِن مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالْبَوَادِي وَغَيْرِهَا خَلْقٌ عَظِيمٌ حَجُّوا مَعَهُ لَمْ يَشْهَدُوا جَوَابَهُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ؛ بَل أَكْثَرُ الَّذِينَ حَجُّوا مَعَهُ لَمْ يَشْهَدُوا ذَلِكَ الْجَوَابَ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ بِلَا فَتْقٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد.
الرَّابعُ: أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْطُوعَ كَالنَّعْلَيْنِ يَجُوزُ لُبْسُهُمَا مُطْلَقًا وَلُبْسُ مَا أَشْبَهَهُمَا مِن جُمْجُمٍ وَمَدَاسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. [٢٦/ ١٩٢ - ١٩٦]
٣٢٠٤ - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ يَعْقِدُ الْإِزَارَ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ، وَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَعْقِدَ الرِّدَاءَ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عُقْدَةً صَارَ يُشْبِهُ الْقَمِيصَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ يَدَانِ، وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute