للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وَيَقُولُ آخَرُونَ: يَعْنِي أَزْوَاجَ الْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً.

وَوَجْهُهُ: ظَاهِرُ الْخِطَابِ، فَإِنَّهُ عَام فَيَجِبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ؛ إذ لَا مُوجِبَ لِخُصُوصِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مُخْتَصًّا بِنَفْسِ السَّبَبِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأنَّ حُكْمَ غَيْرِ عَائِشَةَ مِن أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- دَاخِلٌ فِي الْعُمُومِ، وَلَيْسَ هُوَ مِن السَّبَبِ.

وَلِأنَّهُ لَفْظُ جَمْعٍ، وَالسَّبَبُ فِي وَاحِدَةٍ هُنَا.

وَلأَنَّ قَصْرَ عمومات الْقُرْآنِ عَلَى أَسْبَابِ نُزُولهَا بَاطِلٌ، فَإنَّ عَامَّةَ الْآيَاتِ نَزَلَتْ بِأَسْبَابٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ، وَقَد عُلِمَ أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يُقْصَرْ عَلَى سَبَبِهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ (١): أَنَّهُ فِي أَوَّلِ السّورَةِ ذَكَرَ الْعُقُوبَاتِ الْمَشْرُوعَةَ عَلَى أَيْدِي الْمُكَلَّفِينَ مِن الْجَلْدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَالتَّفْسِيقِ، وَهُنَا ذَكَرَ الْعُقُوبَةَ الْوَاقِعَةَ مِن اللهِ سُبْحَانَهُ، وَهِيَ اللَّعْنَةُ فِي الدَّارينِ وَالْعَذَابُ الْعَظِيمُ. [١٥/ ٣٦٠ - ٣٦٤]

١٥٣٧ - قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: ٢٧]، إلَى قَوْلِهِ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠]، وَقَد ثَبَتَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَان مِن أَجْلِ النظَرِ" (٢).

والنَّظَرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ:

أ- نَظَرُ الْعَوْرَاتِ.

ب- وَنَظَرُ الشَّهَوَاتِ وَإِن لَمْ تكُنْ مِن الْعَوْرَاتِ.

وَاللهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الِاسْتِئْذَانَ عَلَى نَوْعَيْنِ: ذَكَرَ فِي هَذ الْآيَةِ أحَدَهُمَا،


(١) وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)}.
(٢) البخاري (٦٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>