ومنه قوله:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}(السجدة: ١٢) وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ}(الأنعام: ٢٧) والتقدير: أرأيت أمرًا عظيمًا، والتقدير: لرأيت أمرًا عظيمًا وشيئًا فظيعًا لا يحيط به الوصف، فقد حذف الجواب هنا قصدًا إلى إفادة التهويل والتفظيع، ومنه قوله:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}(الرعد: ٣١) والتقدير: لو أن قرآنا أوتي تلك القوة الخارقة، لكان هذا القرآن، فحَذْف جواب لو هنا يشير إلى وضوحه وظهوره وانصراف الأذهان إليه، لمجرد التلفظ بجملة الشرط.
ومما حذفت فيه الجملة: جواب الاستفهام، كما في قول الله تعالى:{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}(التوبة: ١٢٧) فحذف جواب الاستفهام وتقديره: لا يرانا من أحد، بدليل قوله:{ثُمَّ انْصَرَفُوا} لأنهم لم ينصرفوا إلا بعد تأكدهم من أنه لا أحد يراهم، والحذف هنا يشير إلى حذرهم ومبلغ حيطتهم، وكأن الجواب كان همسًا في الآذان وليس أصواتًا مسموعة. ومن حذف جزء الجملة: حذف الجملة المعطوفة على ما قبلها، كما في قول الله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا}(الحديد: ١٠) أي: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن أنفق من بعده وقاتل، فحذف المعطوف لدلالة ما بعده عليه.
ومن حذف الجملة التامة التي تفيد معنى مستقلّا: قول الله تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}(البقرة: ٦٠) والتقدير: فضرب فانفجرت، فحذفت جملة ضرب، وحذفها يشير إلى سرعة إجابة موسى -عليه السلام- وامتثاله لأمر ربه، ومنه قول الله تعالى:{لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(الأنفال: ٨) والمعنى: