ونثني بعد الحديث عن الهمزة بالحديث عن هل: التي تأتي دائمًا لطلب التصديق فحسب:
تقول مثلا: هل قام زيد؟ وهل عمرو ناجح؟ فتسأل عن نسبة القيام للأول والنجاح للثاني؛ ولذا يكون جوابك: نعم أو لا؛ أي بإفادتك ثبوت النسبة أو نفيها، ولما كانت هل لطلب التصديق فحسب فقد ترتب على ذلك ما يأتي؛ أولًا: امتناع أن يذكر بعدها معادل بأم المتصلة، فلا يقال: هل زيد قائم أم عمرو؟ لأن هل تدل على أن مضمون الجملة -وهو النسبة غير معلومة، وأن السؤال عنها ووقوع المفرد بعد أم دليل على أن أم متصلة، وأم المتصلة تدل على أن مضمون الجملة معلوم، وأن المطلوب هو تعيين أحد الأمرين؛ المفرد الذي قبلها أو المفرد الذي بعدها، فالسؤال عن ذلك إنما يكون بهمزة التصور: أزيد قائم أم عمرو؟ فالجمع بين هل وأم المتصلة في مثالٍ واحد يؤدي إلى التناقض. فإذا وردت أم المتصلة بعد هل، وكان بعد أم المفرد وجب تأويله بالجملة، وجعل أم منقطعة للإضراب مع استفهامٍ آخر مقدر؛ من ذلك ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لجابر:((هل تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟)) فالمعنى: بل هل تزوجت ثيبًا! ولذا لو قيل في المثال المذكور: هل قام زيد أم عمرو؟ إن المعنى: بل هو قام عمرو؛ لجاز ذلك وصح.
ثانيًا: يقبح استعمال هل في كل تركيب يتقدم فيه المسند إليه على الخبر الفعلي أو المفعول على الفعل، كقولك: هل زيد قام؟ وهل زيدًا أكرمت؟ ووجه قبحه عند