الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على سيد خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومَن سلك طريقه إلى يوم الدين؛ وبعد:
فنستكمل الحديث عن تعريف المسند إليه بباقي أنواع المعارف التعريف بالموصولية، وبالاسم المقترن بأل، وبالإضافة لكل واحد مما سبق ذكره من سائر أنواع المعارف، ونبدأ بأسرار ووجوه تعريف المسند إليه بالموصولية.
يؤتى المسند إليه اسم الموصول بأسرار يقصدها المتكلم منها عدم علم المخاطب بالأحوال المختصة بالمسند إليه سوى الصلة، والمراد باختصاص الأحوال بالمسند إليه عدم عمومها لغالب الناس لا عدم وجودها في غيره.
هذا؛ ومعلوم أن الموصول اسم يعين مسماه بواسطة جملة تأتي بعده تسمى بجملة الصلة، وقد يكون المخاطب لا يعلم شيئًا عن ذات المسند إليه سوى مضمون هذه الجملة؛ لذا يعمد المتكلم في هذا المقام إلى التعبير عن ذات المسند إليه باسم الموصول فيتعين بواسطة الصلة لدى المخاطب، ويتسنى بتعريفه بالموصولية للمتكلم والإخبار عنه والحكم عليه، كأن ترى عند أحد أصدقائك رجلًا لا عهد له به من قبل فت ق ول له في الغد: الذي كان عندك أمس رجل عالم، أو لا عهد لك أنت به من قبل، حيث لا تعرف عنه سوى مضمون الصلة، فتورده معرفًا بالموصولية حتى تتمكن من الإخبار عنه أو الحكم عليه.
ثاني الوجوه للتعبير عن المسند إليه باسم الموصول: استهجان التصريح بالاسم الدال على المسند إليه بأن كان مشعرًا بما تقع نفرة النفس منه أو قبح التلفظ به؛ لذا يعمد المتكلم إلى تعريف المسند إليه بالموصولية؛ دفعًا لقبح التلفظ باسمه، ونفور النفس من سماعه، مثل قولهم: الذي يخرج من السبيلين ناقض للوضوء، والخارج هو البول والغائط، وغيرهم، فمن هنا عبروا باسم الموصول؛ تحاشيًا للنطق بما يقبح التلفظ به، وتجنبًا لإسماع المخاطب ما تشمئز منه نفسه وتأباه أذنه.