ومن بعده. ومنه: حذف الموصوف، كما في قوله تعالى:{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ}(ص: ٥٢) أي حورٌ قاصرات الطرف، وقوله:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ}(مريم: ٦٠) أي وعمل عملًا صالحًا، فاكتفى بالصفة عن الموصوف في الآيتين لذيوع الصفة وشهرتها. ومن ذلك: حذف الصفة كما في قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}(الكهف: ٧٩)؛ أي يأخذ كل سفينة صالحة بدليل قوله:{فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} والحذف هنا يوحي بجبروت هذا الملك وإفساده وشدة ظلمه، فغصبه ليس قاصرا على الصالح من السفن، بل تجاوزه إلى غير الصالح، فغايته هو الغصب والاستيلاء.
ومن ذلك: حذف القسم كما في قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}(الأحزاب: ٦٠) أي: تالله لئن لم ينته، وقوله:{وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}(يوسف: ٣٢) أي: والله لئن لم يفعل، فحذف القسم في الموضعين. ومن ذلك -غير أنه من قبيل حذف الجملة وإن كانت جزءا من كلام آخر- حذف جواب القسم كقوله تعالى:{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}(الفجر: ١ - ٥) فقد حذف جواب القسم لوضوحه وبيانه، وتقديره: لتبعثن. وحذف جملة الشرط كقوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(آل عمران: ٣١) وقوله: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}(مريم: ٤٣) والتقدير: فإن تتبعوني يحببكم الله، وفإن تتبعني أهدك صراطًا سويّا.