وأصابه. ومن ذلك قول الله تعالى:{فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}(القيامة: ٧ - ١٠)، فالاستفهام في الآية يفيد تحسّر الإنسان وندمه على ما فاته في الدنيا، واستبعاده الفرار في ذلك اليوم:{كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}(القيامة: ١١، ١٢) ويأتي الاستفهام ويراد به التعجب، كما في قوله تعالى:{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}(النمل: ٢٠) فسليمان -عليه السلام- كما تفقد الطير ولم يجد الهدهد تعجب كيف لا يراه وهو لا يغيب إلا بإذنه، ولذا توعده بالعذاب الشديد إذا لم يكن غيابه هذا لسبب قوي يدعو إليه:{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}(النمل: ٢١).
ومثل ذلك قوله تعالى:{قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ}(هود: ٧٢) تعجبت امرأته من بشارة الملائكة لإبراهيم -عليه السلام- بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، كيف تلد وهي عجوز وقد عاشت حياتها عقيمًا وهذا بعلها قد صار شيخا!! إنه لأمر عجيب، ولذلك تساءلت الملائكة متعجبة من تعجبها:{أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ}(هود: ٧٣) وقد يأتي ويراد به التنبيه إلى ضلال كما في قوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}(التكوير: ٢٦، ٢٧) فهو تنبيه للكفرة إلى خطأ ما يقولون وضلال ما يعتقدون وباطل ما يعبدون من دون الله، ويتضح لك هذا التنبيه عندما تتأمل سياق الآيات الكريمة:{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}(التكوير: ١٥ - ٢١) إلى آخر الآيات.