ومن تعريف المسند إليه بالموصولية استهجانًا لذكر اسمه قول حسان بن ثابت - رضي الله عنه - يخاطب أم المؤمنين - رضي الله عنها - ويبرئ نفسه مما نُسِبَ إليه في حديث الإفك:
فإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بي ماحل
ومعنى ليس بلائط؛ أي: ليس بلازم ولا لاحق، ومعنى الماحل الذي يمشي بالنميمة، حيث استهجن حسان أن يذكر اتهام عائشة - رضي الله عنها - في حادثة الإفك فعبر عنه باسم الموصول مشيرًا بما تضمنته الصلة من فعل القول المبني للمجهول، وقد قيل: أن هذا الاتهام قول ساقط لا يصدر مثله عن عاقل، كما أشار بالتعبير بالزعم في بيت آخر؛ لأن هذا القول كذب وافتراء، وذلك في قوله:
فإن كنتُ قد قلت الذي زعمتم ... فلا رفعت صوتي إلي أناملي
ومن دواعي تعريف المسند إليه بالموصولية: زيادة تقرير الغرض المسوق له الكلام، كما في قوله تعالى:{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ}(يوسف: ٢٣) فالغرض المسوق له الكلام هو تقرير نزاهة سيدنا يوسف - عليه السلام - وعِفته، والتعبير باسم الموصول أدل على هذا الغرض مما لو قال: وراودته زُليخا أو امرأة العزيز؛ لأن هذا التقدير الأخير يقرر الغرض فقط ولا يزيده تأكيدًا، بينما اشتملت الصلة المعبر عنها بالموصول على ما تفيده هذه الزيادة في التقرير؛ لأنه في بيتها وتمكن من أداء ما طلبت منه، حيث هيأت له كل أسباب التمكن ومع ذلك عف وامتنع، فكان ذلك غاية في نزاهته عن الفحشاء.
ومن منطلق قول البلاغيين: النكات البلاغية لا تتزاحم، يمكننا أن نقول للتعريف بالموصولية هنا سر ثاني يتمثل في التقرير للمسند الذي هو المراودة، وأنها وقعت منها لا محالة؛ لأن وجوده - عليه السلام - في بيتها مع ما لها من سعة السلطان وقوة النفوذ ومع فرط الاختلاط والألفة، دال على وقوع المراودة وصدور الاحتيال منها.