الْخَاسِرُونَ} (العنكبوت: ٥٢) في سورة الرعد: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}(الرعد: ٥) وتأمل ما قبله وما بعده؛ ليتضح لك ما قلناه.
ويعرف المسند إليه بالإشارة أيضًا لقصد إبراز المعقول في صورة المُحَس؛ فإن المتكلم قد يعظم المعنى في نفسه حتى يخيل إليه أنه صار شيئًا محسًّا يشار إليه بالبنان؛ ف يعمد إلى تعريفه بالإشارة التي تجسد الأمر المعنوي وتبرزه في صورة مرئية مشاهدة، مثل قوله سبحانه على لسان المنكرين للبعث:{قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}(المؤمنون: ٨٢، ٨٣).
وهذا الغرض لتعريف المسند إليه بالإشارة شائع ذائع في الشعر والكلام الجيد، وفي القرآن كثير، ولو رجعنا إلى آية الإفك التي استشهدنا بها على تمييز المسند إليه أكمل تمييز بواسطة تعريفه بالإشارة، لوجدنا الإشارة فيها أيضًا قد أبرزت الأمور المعنوية وجسدتها في صورة حسية.
ونظير ما سبق ما جاء في قول الله تعالى:{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}(النور: ٤٤) فالإشارة قد أبرزت التقلي ب في صورة محسوسة مرئية ولكنها بعيدة؛ ذلك لأنه لا يأخذ العظة منها إلا النفوس المؤمنة القوية المهيأة للوعي والإدراك، ومثله قوله تعالى:{قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} ومثله قوله تعالى: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي}(يوسف: ٣٧).
هذا؛ ومن مزايا اسم الإشارة أنك تجده في كثير من الأساليب يلخص الكلام، إذ يستطيع به المتحدث أن يطوي جملًا كثيرة ً، بل وربما صفحات كاملة دون حاجة