للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أسرار وأغراض تعريف المسند إليه بالإشارة قصد التنبيه إلى أن المشار إليه الموصوف بعدة أوصاف حقيق من أجل هذه الصفات لما يذكر بعد اسم الإشارة من جزاء، كما في قول الله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (البقرة: ٥) بعد قوله -عز وجل-: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: ٢) {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (البقرة: ٤) فالمشار إليه في الآية بأولئك هم المتقون، وقد ذكر عقيبه أوصاف هي الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة والإنفاق من الرزق والإيمان بما أنزل والإيقان بالآخرة، وإنما أشير إليهم بأولئك مع أن المقام للضمير لوجود مرجعه؛ تنبيهًا على أن المشار إليه م -وهم هنا المتقون- أحقاء من أجل الأوصاف التي وصفوا بها بما يذكر بعد اسم الإشارة من الجزاء؛ وهو الفوز بالهداية في الدنيا وبالفلاح في الآخرة.

ووجه تنبيه اسم الإشارة على أن المشار إليه حقيق وجدير بهذا الجزاء بسبب ما وصف به، هو أن اسم الإشارة موضوع للدلالة على المشار إليه، والمشار إليهم في الآية التي معنا هم الذوات مع ملاحظة الأوصاف السابقة؛ لأن كمال التمييز الدال عليه اسم الإشارة إنما يكون بمراعاة هذه الأوصاف، وتعليق الحكم على موصوف يشعر بغلبة الوصف، يعني: أن الأوصاف المذكورة هي العلة في استحقاقهم هذا الجزاء المتمثل هنا في الهداية والفلاح، أما الضمير فإنه لا يفيد مراعاة هذه الأوصاف في الغلبة وإن كانت موجودة؛ لأنه موضوع للذات المجردة عن أي اعتبار، لهذا كان المقام للإشارة لا للضمير.

ونظير ما جاء في صدر سورة البقرة بهذا الخصوص كثيرٌ في النظم القرآني ارجع إلى قوله تعالى مثلًا: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (المؤمنون: ١٠) في سورة البقرة: {أُولَئِكَ هُمُ

<<  <   >  >>