وقد اجتمع أهل مكة كلهم أمام المقام الحنبلى الكائن بين ركن «الحجر الأسود» وبئر زمزم، وانتظروا قدوم شريفا مكة المكرمة. وعندما قدم المشار إليهما محاطين برجال الشرطة ومعهما كثيرون من ضباط الجيش، ومر الجميع بكل عظمة واحتشام ونظام من أمام باب السلام، وقفوا أمام الجماعات المجتمعة، واعتلى موظف مكلف بقراءة الأمر السلطانى كرسيا وضع من قبل بين البيت المعظم وبئر «زمزم»، قرأه أولا باللغة العربية ثم باللغة التركية، وبينما كان يقرأ الأمر السلطانى ألبس مفتيّو المذاهب الأربعة والعلماء الذين حضروا الحفل خلعا فاخرة.
وعقب الانتهاء من قراءة الأمر السلطانى اعتلى واحد من أعلم العلماء وأصلح الصلحاء الكرسى، وبينما كان حامل مفتاح الكعبة فى داخل بيت الله أخذوا يدعون الله - سبحانه وتعالى - بطول عمر السلطان، وللوالى الجديد بالتوفيق فى عمله، وسواء أكان أثناء قراءة الأمر السلطانى أو الدعاء بطول عمر السلطان ودوام ملكه كان باب كعبة الله مفتوحا.
وكان القارئ والداعى يتجهان نحو مقام إبراهيم العالى، لذا كان بيت الله الأعظم فى يسارهما وكان بئر زمزم فى يمينهما، وفى ختام الدعاء طاف جميع المشاهدين ورجال الحكومة بالبيت المعظم، وكان الشريف عبد الله باشا والوالى المشار إليه من ضمن الطائفين انتهى.
وبعد انتهاء مراسم استقبال القناديل التى قدمها السلطان مراد خان الثالث إلى الكعبة طاف بالكعبة الشريفة الشريف «حسن بن أبى نمى»، وعليه الخلعة السلطانية كما طاف رئيس المؤذنين ودعوا الله سبحانه وتعالى - بطول دولة السلطان.
وبعد طواف الشريف بالكعبة دخل مع الأشراف والعلماء الكعبة، واعتلى السلم الذى كان قد جهز من قبل، وعلق القنديلين واقفا في المكان الذى صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، أى المكان الأول الذى تقع عليه عين الداخل فى الكعبة، ودعا بالأدعية المناسبة بدوام بقاء الدولة العثمانية.