الحكمة من أمر إبراهيم-عليه السلام-أن يذبح ابنه إسماعيل-عليه السلام -كما ينقلها على بن أبى طالب-رحمه الله-وقد قال العالم الواقف على سرائر نبينا صلى الله عليه وسلم: إنه بينما كان خالق السموات والأرضين يرى سيدنا إبراهيم عليه السلام السموات والأرض ويوقفه على جمالهما وما فيهما رأى حضرة الخليل-عليه السلام-رجلا يرتكب معصية، فلما دعا الله أن يهلكه هلك ذلك الرجل، وبعد قليل دعا على بضعة أشخاص من المذنبين فلما هلكوا صدر خطاب رب العزة له يا إبراهيم إن دعاءك مستجاب دائما فلا تدع على عبادى فإنهم مجبولون على ثلاث خصال: إما أن يتوبوا وإما أن يسبحوا وإما أن يفوضوا أمورهم، فإذا شئت غفرت لهم وإذا لم أشأ عاقبتهم، ويرى البعض أن سبب صدور الأمر لسيدنا إبراهيم أن يذبح إسماعيل-عليه السلام-هو إظهاره القسوة على العباد وأنه لم يرحمهم.
وقال جماعة من المفسرين العظام عقب تفسير الآية الجليلة {كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}(الأنعام:٧٥) إنه ذات ليلة فى أثناء عروج إبراهيم عليه السلام إلى السماء رأى عبدا عاصيا يرتكب ذنبا فقال: يا رب إن هذا العبد يأكل رزقك ويمشى ويتحرك فوق الأرض التى خلقتها، ومع هذا يخالف أوامرك فأهلكه!! ولما كان دعاؤه مستجابا فقد هلك ذلك الرجل ثم رأى بعد ذلك مذنبا آخر فلما دعا الله أن يهلكه، خاطبه الله-سبحانه وتعالى-معاتبا يا إبراهيم لا تدع على عبادى أمهلم وأمنحهم فرصة، فإنهم يا إبراهيم كثيرا ما يقترفون الذنوب. وفى تلك الليلة أمر فى رؤياه بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام.
ولكى ينفذ سيدنا الخليل الجليل «عليه التحية والتبجيل» ما رآه فى رؤياه ألقى ابنه على الأرض وهو مقيد اليدين فى سفح جبل ثبير على النحو الذى ذكرناه مفصلا فى موضعه، وعند ما أمسك السكين بيده غلبت عليه رقته فقال: «يا رب