المستعصم، إلا أن رجال الدولة رجوه ألا يفعل، فدخل عند المستعصم حاملا فى يده مصحفا ووضع المصحف فوق الحجر وقبله وهكذا أدى رسالته.
[نقل الحجر الأسود إلى ديار هجر]
انتزع ملاحدة القرامطة الحجر الأسود من مكانه فى ركن الكعبة المعظمة سنة (٣١٧ هـ)، وحملوه إلى ديارهم وأعادوه فى سنة (٣٣٩ هـ) إلى مكانه.
كان القرامطة قد أخذوا الحجر الأسود ظانين أنه مغناطيس البشر، وأرادوا أن يجذبوا إليهم الناس، ولما سئلوا عن سبب ذلك قالوا: أخذنا الحجر الأسود مأمورين وأعدناه مأمورين إلى مكانه بشرط أن يكون فى المكان الذى وضعه فيه خليل الرحمن.
وقد رأيت أنا المؤلف الفقير أن الحجر الأسود يجذب البشر - رؤية عين - رأيت أن العربان الذين يقطنون فى أطراف مكة ونواحيها يفرون إلى مكة فجأة، وكلهم يقبلون على طواف كعبة الله والسعى قبل مضى الحجاج إلى عرفات ببضعة أيام ولسان حالهم يقول:
كأن الحجر الأسود فى وجه الكعبة خالا ... أنا حاج لتقبيله أسعى إليها حالا
ويقتحمون المكان بقوة لتقبيل الحجر الأسود ولمسه، فى حال يظن الرائى من بعيد أن كثيرا من رءوس الناس تسير فوق العربان، ثم إن العربان يرضون أن يموتوا دون العودة من غير تقبيل الحجر الأسود، أى لا يرضون بالاستلام فقط، أليس هذا كافيا للدلالة على أن للحجر الأسود خاصية جذب الناس، ومن يريد أن يرى قوة جاذبية الحجر الأسود للناس رؤية العين يقتضى أن يكون فوق المحفل الخاص بمؤذنى الشافعية، والكائن فوق مبنى بئر زمزم حينما يفد البدو.
تقول كتب التاريخ وهى تحكى كيفية نقل الحجر الأسود إلى بلاد هجر: قد ظهرت حركة القرامطة فى عهد هارون الرشيد أو المأمون، وعلى قول المقتدر بالله كما سيوضح فيما بعد، ظهرت فى هجر وتجرءوا بعد ذلك تدريجيا على الإضرار