للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يبلغوا عنه، فقد قال لهم: (ليبلّغ الشاهد الغائب) (١)، وقد وعوا ما حدثهم النبي -صلى الله عليه وسلم- به، وفقهوه، وأحسنوا العمل به، وتعليمه، ونشره، وصبروا على ذلك كله، لما أراده الله بهم من الخير، وحباهم به من حسن الفهم، وجودة الإدراك، وقوة الحفظ، وعمق العلم، وشدة الرغبة في الخير. قال ابن القيم -رحمه الله- (٢): (كانوا أبرّ قلوبًا، وأعمق علمًا، وأقل تكلفًا، وأقرب إلى أن يوفقوا لما لم نوفق له نحن؛ لما خصهم الله -تعالى- به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وسهولة الأخذ، وحسن الإدراك، وسرعته ... وحسن القصد، وتقوى الرب -تعالى-؛ فالعربية طبيعتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم) ا هـ.

وقد كانوا على مشرب واحد، وعقيدة واحدة، تقيّضوا منهج النبي -صلى الله عليه وسلم-، واستنّوا بسنته، وتخلقوا بأخلاقه، وبلّغوا عنه -صلى الله عليه وسلم- الدِّين الذي بعثه الله به، ونشروه في البلاد، ولم يكتموا منه شيئًا. ولهم في ذلك من السعي المشكور، والعمل المبرور ما كان من أسباب حفظ الدين وصيانته، وتبليغ الشرع وإذاعته، وردع الضّال وإهانته (٣).

والتأسي بهم، ولزوم طريقتهم لزوم للجماعة؛ لأنهم أساسها الذي تبنى


(١) نصّ على تواتره جماعة من أهل العلم، انظر: نظم المتناثر للكتاني (ص ٤٣١) رقم/ ٤.
وأوردت في الأصل عددًا كبيرًا من طرقه في الأحاديث/ ٢٠ - ٣١.
(٢) إعلام الموقعين (٤/ ١٤٨ - ١٤٩).
(٣) وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١/ ١٠).

<<  <   >  >>