للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتطييباً لقلب من قدَّمه، لا تفضيلا له على سائر أنواع الإدام. (١)

وقال النووي: وفي الحديث فضيلة الخل، وأنه يسمى أُدْمَاً، وأنه أدم فاضل جيد، وفيه استحباب الحديث على الأكل تأنيسا للآكلين؛ وأما معنى الحديث: فقال الخطابي، والقاضي عياض: معناه مدح الاقتصار في المأكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة، تقديره: ائتدموا بالخل، وما في معناه مِمَّا تخف مؤنته ولا يعز وجوده، ولا تتأنقوا في الشهوات، فإنها مفسدة للدين مسقمة للبدن، هذا كلام الخطابي ومن تابعه؛ والصواب الذي ينبغي أن يُجزم به أنه مدح للخل نفسه، وأما الاقتصار في المطعم وترك الشهوات فمعلوم من قواعد أخر.

وأما قول جابر: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهو كقول أنس "فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ" (٢)، وهذا مما يؤيد ما قلناه في معنى الحديث أنه مدح للخل نفسه، وقد ذكرنا مرات أن تأويل الراوي إذا لم يخالف الظاهر يتعين المصير إليه والعمل به عند جماهير العلماء من الفقهاء والأصوليين، وهذا كذلك بل تأويل الراوي هنا هو ظاهر اللفظ فيتعين اعتماده. (٣)

* * *


(١) يُنظر: "زاد المعاد في هدي خير العباد" (٢/ ٣٦٧).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٢٠٩٢)، ك/البيوع، ب/ذكر الخيَّاط، وبرقم (٥٣٧٩)، ك/الأطعمة، ب/مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيْ القَصْعَةِ مَعَ صَاحِبِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً، وبرقم (٥٤٢٠)، ك/الأطعمة، ب/الثريد، وبرقم (٥٤٣٣)، ك/الأطعمة، ب/الدباء، وبرقم (٥٤٣٥)، ك/الأطعمة، ب/مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إِلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ، وبرقم (٥٤٣٦)، ك/الأطعمة، ب/المرق، وبرقم (٥٤٣٩)، ك/الأطعمة، ب/مَنْ نَاوَلَ أَوْ قَدَّمَ إِلَى صَاحِبِهِ عَلَى المَائِدَةِ شَيْئًا، ومُسلمٌ في "صحيحه" (٢٠٤١)، ك/الأشربة، ب/جَوَاز أَكْلِ الْمَرَقِ، وَاسْتِحْبَابِ أَكْلِ الْيَقْطِينِ، مِنْ طُرُقٍ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٣) يُنظر: "شرح النووي على مسلم" (١٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>