والخير من وجوه: منها الأجر العظيم للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولأمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ولأبي بكر وآله، الَّذين أوذوا وصبروا.
ومنها الشَّرف العظيم لأمِّ المؤمنين؛ فالله تعالى أنزل براءَتها في قرآن يُتْلى، ولهذا لمَّا دخل ابنُ عبَّاس عليها - رضي الله عنها -، وهي على فراش الموت، أثنى عليها وقال:" زَوْجَةُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنْ السَّمَاءِ"(١).
ومنها إعلاءُ قَدْرِ المؤمنين الَّذين قَدَّمُوا حُسْنَ الظَّنِّ وحسن العَهْد بأمّ المؤمنين - رضي الله عنها -، والثَّناءُ عليهم من الله تعالى، وعِظَةٌ للمؤمنين إلى قيام السَّاعة من الإِقدام على مثل هذا الحديث خشية أنْ تزلَّ الأقدام، ووجوب التَّحفظ في الأمور والتَّثبُّت من الأخبار، فقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)} [الحجرات]، وتنبيه عائشة - رضي الله عنها - ومَنْ أُوذي مثلها وأصيب بمصابها أنَّ ذلك ليس شرّاً، وإنَّما هو خير وعاقبته حسنة، ولذلك جاء الخطاب عامّاً، وسيق للتَّأسِّي بما جرى لعائشة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها -.
ومِنَ الوجوه فضح المنافقين وما يضمرونه من شرٍّ للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته وللمؤمنين، والتَّعريف بخطرهم والتَّحذير منهم، وتثقيل ميزان عائشة - رضي الله عنها - وميزان صفوان - رضي الله عنه -، مِن الطَّاعنين التَّابعين لهم بغير إحسان، المخالفين لأمر الرحمن - جل جلاله -، الوارثين لنفاق ابن أبيّ.
فضلاً عن أنَّ هذه الآيات أحوج مَا يكون العباد للعمل بها حتَّى قيام
(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ١٠) كتاب التَّفسير.