للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمِنْ وَرَطَاتِ الأمورِ الَّتي يصعب المخرج منها أن تصيب دماً حراماً بِغَيْر حِلِّه، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً" (١).

فاللهَ اللهَ في الدِّماء، فإنَّها أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ لعظم أمرها، وشناعة شرِّها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ" (٢). ومَن امتُحِنَ بِإِهْرَاقِ مِلْءِ مِحْجَمٍ مِنْ دَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، فسيعرف شناعة ذلك {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)} [الطارق].

فليحذر مَنْ يقترف بجهله إثماً مبيناً وظلماً عظيماً، ويذهل عن قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً (٩٢)} [النّساء]، وقوله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا (٣٢)} [المائدة].

أفلح من كفّ يده

أفلح وَرَبِّ الكَعْبَةِ مَنْ كَفَّ فكَّيه وكفَّيه في الفتنة، روى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: " وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ أَمْرٍ قَدْ اقْتَرَبَ، أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ " (٣) أي في الفتنة.


(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٣٥) كتاب الدّيات.
(٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٦/ج ١١/ص ١٦٧) كتاب القسامة.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٩/ص ٢٨٣/رقم ٩٦٥٢) وإسناده على شرط الشّيخين، وصحّحه الألباني في "المشكاة" (ج ٣/ص ١١/رقم ٥٤٠٤) وقال رواه: أبو داود وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>