كتاب الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين

بِهَذَا، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَلُوذُ بِي، وَهُوَ يَقُولُ: يَا حَسَنُ، لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ سَنَةً " (١).

[قتلى الجمل وزمن القتال]

وقد أورد خليفة بياناً بأسماء من حُفِظ مِنْ قتلى الجمل فكانوا قرابة المائة (٢) وهذا يؤكّد قِلَّةَ عدد القتلى، وهذا ليس غريباً فلم يكن أحد من الفريقين يهاجم الآخر، وإنّما كان يدفع عن نفسه، والمشْهُورُ أنَّ الصَّحابة كانوا يتجنَّبون القتال وينهونَ عنه.

وممّا يدلك على قلَّة عدد قتلى الجمل قِصَرُ زمن القتال يومها، فقد نشب القتالُ بعد الظُّهر وانتهى مع غروب الشَّمس، أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قال: " فَكَفَّ عَنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَأَصْحَابِهِمَا، وَدَعَاهُمْ حَتَّى بَدَؤوهُ فَقَاتَلَهُمْ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَمَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَحَوْلَ الْجَمَلِ عَيْنٌ تَطْرِفُ مِمَّنْ كَانَ يَذُبُّ عَنْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تُتِمُّوا جَرِيحًا وَلَا تَقْتُلُوا مُدْبِراً، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ ; فَلَمْ يَكُنْ قِتَالُهُمْ إِلَّا تِلْكَ الْعَشِيَّةَ وَحْدَهَا" (٣).

[ما قاله عمار - رضي الله عنه - لعائشة - رضي الله عنها - حين فرغ من الجمل]

أخرج الطَّبريُّ بسند صحيح عن أَبِي يَزِيدَ المَدِينِيِّ يقول: قَال عمَّار بن ياسر

(١) ابن حجر " المطالب العالية " (م ١٨/ص ١٤٤/رقم ٤٤٠٦) وقال المحقّق: صحيح بهذا الإسناد، ورواته ثقات.
(٢) خليفة " تاريخ خليفة " (ص ١٨٧ ـ ١٩٠).
(٣) ابن أبي شيبة " مصنّف ابن أبي شيبة " (ج ١٥/ص ٢٨٦/رقم ١٩٦٧٩) وصحّحه الحافظ في "الفتح" (ج ١٣/ص ٤٨) وقال: أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.