عامل آخر: النظرة السلبية للنفس: حين ننظر إلى أنفسنا تسيطر علينا النظرة إلى العيوب والأخطاء وجوانب القصور.
لست أدعو إلى أن نزكي أنفسنا، لست أدعو إلى أن نبالغ في الثناء على أنفسنا، لكن هناك فرق بين أمرين: بين امتناع الإنسان عن تزكية نفسه وبين مقت النفس الذي تحدث عنه السلف وبين الثقة بالنفس والتي نعني بها شعور الإنسان أنه يمكن أن ينتج شيئاً، يمكن أن يغير، يمكن أن يصنع الشيء الكثير.
الثقة بالنفس تعني أن نشعر أننا نملك طاقات، نستطيع أن نصنع، نستطيع أن ندعو، نستطيع أن نغير في واقعنا، نملك الكثير، والإعجاب بالنفس هو رضا الإنسان عن نفسه، شعوره بأن له منزلة عند الله، شعوره هذا شيء وذاك شيء آخر، الخلط بينهما هو الذي يؤدي إلى أن نفهم هذه القضية فهماً خاطئاً فننظر نظرة سلبية إلى أنفسنا، إننا بحاجة -أيها الإخوة والأخوات- إلى نظرة متوازنة لأنفسنا، وإلى عيوبنا وأخطائنا، وأن ننظر إلى إمكاناتنا، وأن ننظر إلى ملكاتنا، أن ننظر إلى ما حبانا الله من قدرات ومهارات حتى نوظفها توظيفاً صحيحاً.
قد أكون شخصاً لست سخياً بالمال والإنفاق، لكنني أجيد الحديث، فلماذا لا أنظر إلى هذا الجانب وأوظف هذه القدرة في الحديث مع الناس، قد لا أجيد الحديث والخطابة، لكني أجيد الكتابة، فلماذا لا أنظر إلى هذا الجانب في نفسي وأستثمره، قد أجيد العلاقات الاجتماعية.
فما من إنسان إلا وعنده جوانب إيجابية هي جوانب نجاح، فلماذا نفرط في النظر إلى الجوانب السلبية في حياتنا؟ لماذا لا نبحث عن مجالات النجاح؟ الذي يريد أن يعمل وينتج لا ينظر إلى جوانب السلبية، بل يبحث عن جوانب النجاح، يبحث عن الجوانب التي يمكن أن ينجز من خلالها فيوظف هذه المجالات.
واليوم اتسعت مجالات الدعوة وأصبحت تستوعب الجميع من الرجال والنساء، تستوعب الصغير والكبير، تستوعب المتميز والبليد، وما من إنسان إلا وعنده مجال يمكن أن ينجح فيه، وهذا المجال يمكن أن يوظف في مجال الخير والدعوة.