بسقوطهم. وكان شيخ القرية الجديد يخاف صلاح أبي ونفوذه فأصبح له عدواً لدوداً لأن الفضيلة لا تجعل صاحبها بمأمن من العدوان بل كثيراً ما يجعله هدفاً لاضطهاد الأشرار. وكان للشيخ المذكور ولد سكر من نشوة الكبرياء ولعبت في رأسه ثورة الأهواء وكان ينظر غلي بعين الحسد والضغينة لأني كنت أفوقه في الرماية وشدة الساعد. فكان يقابل تحياتي بكلام الهزء والسخرية ويعيرني حزبي كلقب عار وذل. . . آه إن خنجري كان يرقص حينذاك في غمده ونفسي تحدثني بأن أذيق هذا المتعجرف ثمرة عنفوانه، لكن التروي كان يسكن ثائري
خشية ما سيجر ذلك على عائلتي من الولايات. . . كنت عند عودتي من شغلي مساء أرى أهلي في حالة الجزع التام: أمي وأختي تذرفان الدموع، وأبي يتمشى باضطراب ويرمي بنظرات اليأس إلى بندقيته القديمة المعلقة على الحائط. . .
وعند هذه الذكرى انتصب انجلو واقفاً وقدحت عيناه شرراً، فمالت إليه الفتاة قائلة:
- لا تنقطع عن الكلام يا أنجلو فإن عندما تتكلم أشعر بأنك تبث في شيئاً من روحك. . فكبح جماح غضبه المتصاعد وعاد إلى حديثه:
- وكانت والدتي تعرف ما أنا عليه من الحمية فباتت تتوقع من يوم إلى آخر وقوع الصاعقة. . . كانت هي وأختي فيلومين تغزلان وأنا أبيع الغزل في آخر الأسبوع. . . آه ما كان أشد حبي لأختي. . ألا تتذكرينها يا إميلي. . . فإنها من عمرك وجميلة مثلك. . .
قال هذا وسالت من عينيه دمعتان. . . وكان القمر في الخارج قد احتجب وراء غيمة سوداء وتراءت الأشجار كالأشباح. هذا وكان سائر الرفاق لا يزالون في القاعة يأكلون ويشربون. . فاستأنف أنجلو الكلام قائلاً:
- فعادت أختي يوماً إلى البيت وهي تبكي بكاءً مراً وذلك بسبب أرنست اللعين ابن شيخ القرية الذي أسمعها كلمات تمس بشرفها. مرت بضعة أيام وإذا بي ذات صباح أمام ذلك الوغد اللئيم قرب منزلنا وهو يترصد خروج أختي ليكاشفها