- وحق إبليس إن هذه الجلبة كادت تفضحنا، ألا تصمتون!
وكان للمتكلم على ايظهر عظيم نفوذ في رجاله، إذ سادت السكينة للحال، فتابع كلامه قائلاً:
- لا أعلم ماذا يحملني على التشاؤم هذه الليلة. . . وعلى كل فها أنا أقوم حارساً في الغرفة المطلة على الغابة، وابقوا أنتم هنا، كلوا واشربوا، ولكن اعلموا أني سأغمد خنجري في
صدر من يأتي بضجة.
قال، وأشار إلى الفتاة أن اتبعيني، وأخذ بندقيته وخرج وجلس مع رفيقته قرب نافذة الغرفة الثانية.
٢
- لم البكاء يا إميلي. .؟
- آه يا أنجلو! إن منظر هؤلاء الرجال يخيفني
- لا تخافي يا عزيزتي، أنت قلبي، وما عهدي بقلبي يعرف الخوف. هؤلاء الرجال الذين يبارزون الموت لو رأوا رسم شخصه يرتجفون أمامي. وقد مازج خوفهم مني حبهم لي. فهم دون شك يعتبرونك ويجلونك ولا يسعهم إلا الائتمار بأمري.
أما الفتاة فاتكأت إلى ذراعه بحنو واسترسلت في ذرف الدموع، فقال:
- آه يا أميلي، لا شك أن الندم يستولي على قلبك الآن لأنك عرضت نفسك فتبعتني، ألا بربك ارجعي إلى ذويك، فلا أريد أن أنالك قسراً، لا أريد أن أعرضك إلى المخاطر والمهالك إلى المنفى والموت، فاعلمي يا عزيزتي أن كل خطوة من خطواتي تقودني إلى الهاوية، أما أنت فأمامك طريقان: طريق سهلة أمينة وهي الطريق التي تركتها، وطريق صعبة خطرة، في كل خطوة منها إثم وفي كل مرحلة جريمة وفي آخرها المشنقة، فاختاري لنفسك:
- إني اختار الطريق التي تسير فيها أنت.
- اسمعي إذن، لأنه يجب الآن أن تعرفي من أنا وما هي غايتي. . . كان أبي من عائلة شريفة النسب عريقة الحسب وكان من حزب البوربون فسقط