وإنني أوافق حضرته من هذه الوجهة موافقةً تامة، ولذلك شرعت فعلاً في درس هذا الإصلاح درساً دقيقاً، لأتمكن في وقت قريب من جعل خزانة كتبنا النفيسة كفيلة بالقيام بجميع الأغراض التي أنشئت لأجلها، أو التي يحق لنا انتظارها منها، حتى تكون من أقوى العوامل في نشر أنوار العلوم العربية.
ثم أشار صاحب المفكرة إلى انه يجب إرجاع المطبعة الأهلية إلى مجيد عملها السابق وذلك بطبع التآليف التي تفخر بها علماء مصر، حتى يتسنى لأهل الجيل الحاضر أن يشمروا عن ساعد الجد، ويواصلوا سلسلة الابتكار في العلوم والآداب التي بدأ بها أجداده الأمجاد.
وقد رأى صاحب المشروع من الواجب عليه أن لا يقف عند الإشارة إلى نظريات مبهم أو إبداء رغائب مجردة عن وسائل التنفيذ، مما لا يكون كفيلاً باستكمال وسائل النجاح، فلذلك أفرغ وسعه، وبذل جهده، ولم يضن بشيء من ماله ووقته وراحته، حتى تيسرت له كل الأسباب المؤدية لتحقيق الخطة التي رسمها لنفسه، وذلك أنه قرن العلم بالعمل، فانتهز فرصة الانقلاب الذي حصل في الدولة العلية، وشخص إلى الأستانة وتمكن هناك من استخدام الفوتوغراف في نقل جلائل المؤلفات التي تزدهي بها الآداب العربية، خصوصاً تلك التي كانت فيما مضى من أجمل الذخائر في الخزائن المصرية.
ولم تقف همة هذا البحاثة عند حد التنقيب وتلمس تلك الآثار من كنوزها في القسطنطينية، بل واصل سعيه أيضاً في ربوع العلم بأوروبا لاستيفاء كل المعدات ولإتمام عمله على أحسن حال.
هذا وقد ألمع في مفكرته بإيضاح وجيز إلى كل واحد من هذه المصنفات النادرة فكتب نبذة قصيرة تكشف عنها اللثام وتبين الفوائد التي تعود على اللسان العربي والأمة المصرية من العناية بطبعها وتعميم نشرها.
ولقد رأيت من الواجب أن أستعلم عما إذا كان لهذه المصنفات أو لبعضها أثر ما في دار الكتب الخديوية، أو في إحدى مكتبتي الأزهر الشريف والمجلس