مجموعة الكتب التي استنسخها حضرته بالفوتوغرافية واستحضرها من الأستانة وأوروبا ولقد أمعنت النظر في هاتين المسألتين وأبدي اليوم لعطوفتكم ما أراه في هذا الشأن.
إن هذه المفكرة تشرح بأجلى بيان ما كان للقاهرة من التأثير في رفع منار العرفان وترقية الآداب العربية. فإنها بفضل مركزها وعناية أهلها، أصبحت في أوائل العصور الحديثة محطاً لرجال أهل العلم، ومهبطاً لطلاب الفضل.
ولقد أشار صاحب المفكرة إلى مبلغ الأريحية التي كان يجود بها ملوك مصر وسلاطينها، وازدهاء رونقها في بلاد الشرق. فكانت النتيجة من هذا العمل المزدوج، أن ظهرت في سماء المعارف العربية كتب جليلة حافلة بالبحث في الموضوعات المفيدة في كل فن ومطلب، ولكن سوء الحظ قضى بأن لا يصل إلى أيدينا من تلك المصنفات الثمينة سوى النزر اليسير.
ثم جاء دور الأفول فكان من دواعي الانحطاط أن مصر أضاعت ذخائرها وكنوزها في التقلبات التي أصابتها مما لا فائدة من ترديد ذكراه الآن. فانطفأ ذلك السراج الوهاج، وهبا ذلك الذكاء المصري. بيد أن شعاعاً ضئيلاً من الأمل تبدى في الأفق. فنبعث معه ذلك الذكاء من مرقده، بعد أن كان الناس يظنونه قد دخل في خبر كان ولكنه في الحقيقة إنما كان في سبات لا في ممات والفضل في تجدد هذه الحياة الأدبية راجع إلى محمد علي الكبير وإلى حفيده إسماعيل.
لذلك توخى صاحب المفكرة أن يستفيد من هذه اليقظة الأدبية. فأخذ يعمل إلى إيجاد الوسائل اللازمة لتجديد عهد الآداب العربية في ظل خديوينا المحبوب عباس الثاني الذي تعود أن يقفو آثار أسلافه الفخام في سلوك المكارم وتجديد مفاخر المآثر.
وللوصول إلى هذه الغاية التي مازال ينشدها واضع المشروع، قد اقترح حضرته تنظيم دار الكتب الخديوية تنظيماً يشمل جميع فروع الإصلاح التي تستوجبها مكانتها، لتأتي بالثمرة المطلوبة، وتقوم بالخدمة الواجبة عليها.