للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

خَرَجَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ مِنْ حُرُوبِ الرِّدَّةِ ظَافِرًا، وَوَجَدَ تَحْتَ إِمْرَتِهِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ مُقَاتِل لَا يَعْصُونَ لَهُ أَمْرًا …

وَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَنِ اسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بِلَادِ الْفُرْسِ مَا تَزَالُ تَرِنُّ فِي أُذُنَيْهِ؛ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ:

لِمَ لَا أَضْرِبُ بِهَذَا الْجَيْشِ الْبَاسِلِ الْفُرْسَ، وَأَسْتَنْقِذُ مِنْ أَيْدِيهِمْ سَوَادَ (١) الْعِرَاقِ؟!

أَلَمْ يَعِدْنَا الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ؛ بِأَنَّ اللهَ سَيُمَلِّكُنَا دِيَارَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ؟!

وَهَلْ تُمَلكُ الدِّيَارُ وَتُحْرَزُ الْأَمْوَالُ؛ إِلَّا بِأَسِنَّةِ الرَّمَاحِ وَشَفَرَاتِ السُّيُوفِ؟!.

فَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَمْضِيَ بِقَوْمِهِ إِلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ؛ دُونَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْخَلِيفَةَ بِذَلِكَ؛ حَتَّى لَا يُحْرِجَهُ …

فَإِذَا انْتَصَرَ كَانَ نَصْرُهُ لِلْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا …

وَإِذَا انْكَسَرَ كَانَ انْكِسَارُهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.

* * *

هَاجَمَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ سَوَادَ الْعِرَاقِ، فَجَعَلَتْ مُدُنُهُ وَقُرَاهُ تَتَسَاقَطُ تَحْتَ سَنَابِكِ (٢) خَيْلِهِ كَمَا تَتَسَاقَطُ أَوْرَاقُ الشَّجَرِ فِي فَصْلِ الْخَرِيفِ.

وَطَفِقَتْ أَخْبَارُ انْتِصَارَاتِهِ تُشَرِّقُ فِي أَنْحَاءِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَتَغَرِّبُ

فَقَالَ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ لِمَنْ حَوْلَهُ:


(١) سواد العراق: قُرَى الْعِرَاق.
(٢) سنابك خيله: حوافرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>