للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَبُو الدَّرْدَاءِ

عُوَيْمِرُ بْنُ مَالِكٍ الْخَزْرَجِيُّ

"كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَدْفَعُ عَنْهُ الدُّنْيَا بِالرَّاحَتَيْنِ وَالصَّدْرِ"

[عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ]

نَهَضَ عُوَيْمِرُ بْنُ مَالِكٍ الْخَزْرَجِيُّ (١) الْمُكَنَّى بِأَبِي الدَّرْدَاءِ مِنْ نَوْمِهِ مُبَكِّرًا، وَمَضَى إِلَى صَنَمِهِ الَّذِي نَصَبَهُ فِي أَشْرَفِ مَكَانٍ مِنْ بَيْتِهِ، فَحَيَّاهُ وَضَمَّخَهُ (٢) بِأَنْفَسِ مَا حَوَاهُ مَتْجَرُهُ الْكَبِيرُ مِنَ الطِّيبِ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ ثَوْبًا جَدِيدًا مِنْ فَاخِرِ الْحَرِيرِ، أَهْدَاهُ إِلَيْهِ بِالْأَمْسِ أَحَدُ التُّجَّارِ الْقَادِمِينَ عَلَيْهِ مِنَ "الْيَمَنِ".

وَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ غَادَرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَنْزِلَهُ مُتَوَجِّهًا إِلَى مَتْجَرِهِ.

فَإِذَا شَوَارِعُ "يَثْرِبَ" وَطُرُقَاتُهَا تَضِيقُ بِأَتْبَاعِ مُحَمَّدٍ، وَهُمْ عَائِدُونَ مِنْ "بَدْرٍ"، وَأَمَامَهُمْ أَفْوَاجُ الْأَسْرَى مِنْ قُرَيْشٍ، فَازْوَرَّ (٣) عَنْهُمْ؛ لَكِنَّهُ مَا لَبِثَ أَنْ أَقْبَلَ عَلَى فَتًى مِنْهُمْ يَنْتَمِيْ إِلَى الْخَزْرَجِ وَسَأَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ (٤)، فَقَالَ لَهُ الْفَتَى الْخَزْرَجِيُّ: لَقَدْ أَبْلَى فِي الْمَعْرَكَةِ أَكْرَمَ الْبَلَاءِ وَعَادَ سَالِمًا غَائِمًا، وَطَمْأَنَهُ عَلَيْهِ.

وَلَمْ يَسْتَغْرِبِ الْفَتَى سُؤَالَ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةً؛ لِمَا كَانَ يَعْلَمُ النَّاسُ جَمِيعًا مِنْ أَوَاصِرِ (٥) الْأُخُوَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْبِطُ بَيْنَهُمَا؛ ذَلِكَ لِأَنَّ


(١) الخزرجي: نسبة إلى الخزرج وهي قبيلة يمانية الْأصل ارتحلت إِلَى المدينة واستقرت فيها وكانت هي والْأوس تكونان جمهرة الأنصار.
(٢) ضمخه: دهنه.
(٣) ازْورَّ عنهم: أعْرض عنهم.
(٤) عَبْد الله بْن رواحة الأنْصَاري الخزرجي: شاعر مشهور، أحد السَّابقين إِلَى الْإسلام، شهد بدرًا واستشهد بمؤتة سنة ٨ هـ، وكان ثالث قوادها.
(٥) أواصر الأخوَّةِ: روابطِ الأخُوَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>